استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية: هل من جديد بخصوص الحكومة؟
أ. د. خالد شنيكات
18-01-2025 12:15 AM
تشكل استطلاعات الرأي للحكومات في الدول الديمقراطية مقياساً لمدى التقدم في تحقيق أجندة الحكومة، وقياسا لمدى رضا الرأي العام عن أداؤها، وتقدم خبرة مجانية للحكومة لمتابعة أجندتها للسعي لتحقيق اهدافها، بالإضافة إلى تقديم أولويات المواطنين لها لكي تعدل بما يحقق هذه الاولويات والتفضيلات.
وفي الاستطلاع الرأي لأداء الحكومة الجديد يبدو واضحا ان شخصية دولة رئيس الوزراء هي من اعطى النظرة الإيجابية لاداء الحكومة حيث وصلت الى 55% في حين ان الفريق الوزاري كان 47% واذا حللنا هذا الفريق نجد ان جزءا مهما منه كانوا وزراء سابقين وبالتالي قد يكون هذا سببا في النظرة السلبية لكثير منهم بحكم ان تجارب هؤلاء الوزراء لم تحدث فارق نسبي.
و يعزز ذلك ان 76% من قاعده الراي العام يرون بان الرئيس كان قادرا على تحمل المسؤوليات خلال ال 100 يوم في حين ان النظرة للفريق الوزاري وهم كما اسلفنا وزراء سابقون لم يثبت نجاحا او لم يحققوا نجاحا في السابق لم يعطوا اكثر من 55% لمرحله 100 يوم.
وتبدو جولات الرئيس الوزراء عاملا حاسما في رفع النسبة خاصة جولاته على المحافظات والتحرك بشكل مباشر ومواجهة التحديات والمشكلات واصدار القرارات بدون اي تردد.
والعامل المشترك لاهتمامات العينه الوطنيه هو الوضع الاقتصادي فاذا ما احدثت الحكومه تغيرا جوهريا في مواجهة البطالة عن طريق الحد من الفقر والحد من ارتفاع الاسعار و تحسين الرواتب وجلب الاستثمارات المحلية والأجنبية سيكون ذلك من العوامل الحاسمة في تقييم مجال عمل الحكومة.
عامل فارق اخر هو التعليم حيث اعطي 52% من العينة الوطنية بالتركيز على تطوير وتحسين نظام التعليم وهذا يعكس ان التعليم لا زال في وضع متراجع ويعزز ذلك المؤشر العالمي الذي اعطى الاردن مرتبه متاخره جدا.
ويبدو الاهتمام بالتعليم يحتاج من الحكومه تغيير جوهري في نهج التعليم فالاصلاحات الحاليه غير كافيه واذا كانت موجوده فانها تحتاج للتجربه لاثبات جدواها خاصة وان التعليم مدخل اساسي لكل شيء في الدولة سواء للاقتصاد أو للادارة، للصحة، للبنى التحتيه، وحتى حكم القانون او غير ذلك.
اما بالنسبه لبرامج الاصلاح ومنها اصلاح القطاع العام، تنفيذ رؤية الاصلاح الاقتصادي، إدارة الملفات الاقليمية استكمال وتعزيز الاصلاحات السياسية فجميعها دارت حول نسبة بين 51% 52% من العينة الوطنية في حين ان عينة قادة الراي كانت بين 55% الى 65% كحد اعلى وهذا يعني ان الحكومة مطلوب منها بذل المزيد من الجهود لتحقيق اختراقات حقيقية في هذه الملفات خاصة وان هذه الملفات اصبحت عابرة للحكومات وتؤثر بشكل مباشر على حياه المواطنين، واعتقد ان تقييم الحكومة ككل سيكون مقترنا بتحقيق اختراق حقيقي او نجاح نسبي في مواجهه هذه الملفات.
وبشكل خاص تشكل الاوضاع الاقتصاديه ووفقا لاستطلاعات الراي بان 52% من الاردنيين يرون ان وضعهم الاقتصادي اسوء مما كان عليه قبل 12 شهر مقارنه ب 61% في استطلاع نيسان 2023 لذات المركز و 36% افادوا بان وضعهم الاقتصادي لم يتغير مقارنه بالاثني عشر شهرا الماضية
وكما اسلفنا سيبقى العامل الاقتصادي عاملا حاسما في تقييم اداء مجلس الوزراء ككل وتقييم اداء رئيس الوزراء بشكل خاص، ولكن المدخل الصحيح يمر عبر التعليم.
وبالنسبه لزيارات رئيس الوزراء الميدانية فقد شكلت خروجا عن المالوف قياسا برؤساء الوزراء السابقين بل ذهب بعض المواطنين الى تقييمها بسلوك رئيس الوزراء الاسبق وصفي التل(رئيس وزراء سابق يحظى باحترام وطني عام وتميز بنهجه في المواجهة والاشتباك مع الملفات، والزيارات الميدانية المباشرة للمواطنين والقدرة على الحسم والانحياز لقضايا المواطنين، وكانت هذه عوامل حاسمة في شعبيته الجارفة آنذاك).
وتشكل هذه الزيارات خروجا عن المألوف اي عن العمل المكتبي التقليدي الرتيب الذي لا يذهب للميدان للاحتكاك بالقضايا الملحة للمواطنين وبالاجندة المجتمعية، وتعكس نسبه التقييم الايجابي لهذه الزيارات والتي وصلت الى 70% مدى تفضيل المواطنين لمثل هذا النمط من الإدارة.
ورغم هذا النمط من الزيارات المفضله الا ان هذا النمط ايضا سيحتاج الى تحقيق انجازات واضحه في موضوعات زيارات رئيس الوزراء اي ان كل زياره لدولة الرئيس ستحتاج او سينظر لها بمدى قدرتها على حل او ايجاد حلول للملف الذي تناولته الزيارة.
التقييم النهائي يشكل الاستطلاع خطوه جيده للحكومه للبناء عليها ومتابعه اداء الوزراء ككل ضمن نهج مؤسسي من المتابعة والتقييم، يضع اهداف محددة قابلة للتحقيق وضمن سلم واضح، وان لا يكون فقط نهج دوله رئيس الوزراء، هو من يحمل الفريق الوزاري، بل ان يتبنى الوزراء ووزاراتهم نهج دولة رئيس الوزراء ، ومنها مبدا المكاشفة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة حتى تستعيد الحكومة الثقة والمصداقية للمؤسسات والتي تراجعت في الحكومات السابقة بشكل كبير.
وهذا حتما سيرتبط بتحقيق انجازات على ارض الواقع بكافه الملفات التي رتبها المواطنين حسب أهميتها بالنسبة لهم كملفات فرص العمل والحد من ارتفاع الاسعار وغلاء المعيشه ورفع مستوى الرواتب وحل مشكله الفقر وما ذكر المواطنون من اولويات ورد ذكرها في استطلاع الراي.
ان نهج دولة رئيس الوزراء، وتبناه الفريق كسلوك جماعي إذا ما استمر سيعيد كثير من المواطنين للاهتمام بالعمل العام، بعدما شهد تراجع في الاهتمام وصل إلى ما دون ٤٠%.