العظامات يستنطق الحجارة ويحيي تراث المفرق (فيديو)
14-04-2025 06:28 PM
عمون - من قلب الصحراء في البادية الشمالية، وتحديداً في بلدة أم القطين التابعة لمحافظة المفرق، يطوع محمد سعود العظامات، الحجارة البازلتية ويحولها إلى تحف فنية متقنة، لها مدلولات تحاكي تاريخ المنطقة وتحافظ على إرثها وتراثها ولتربط الماضي بالحاضر.
تولدت لدى العظامات فكرة النحت على الأحجار البازلتية، نتيجة لمرافقة والده الذي كان يعمل ببناء المنازل في المنطقة، والذي كان يستعمل الحجارة البازلتية المتواجدة بكثرة في المنطة لأعمال البناء، فخطرت بباله فكرة أن يحول هذه الأحجار إلى منحوتات فنية، وهكذا كان، فأصبح أول نحات في الأردن، وذلك في عام 1977، موضحاً أن النحت من الفنون التشكيلية الصعبة التي تحتاج إلى صبر وتأني وإتقان، بالإضافة لسنوات طويلة من الخبرات للوصول إلى الاحتراف.
وتتنوع منحوتات العظامات وتأخذ أشكال النباتات الموجودة في المنطقة والحيوانات والطيور، إضافة إلى المجسمات التي تعبر عن شكل البيوت والأعمدة الموجودة في المنطقة، ناهيك عن نحته لمجسمات لشخصيات سياسية واجتماعية بارزة في الأردن، وكونه متقاعد من القوات المسلحة الأردنية، جسد العديد من الآليات؛ كالدبابات والمدافع المحمولة، مستخدماً المطرقة والصاروخ والمسامير الفولاذية.
تبدأ رحلة العظامات في إنتاج التحف الفنية بعد ذهابه إلى الصحراء، حاملاً معه أدوات خاصة لفحص الحجارة، ويشير العظامات إلى أن بعض الحجارة لا تصلح للنحت قائلاً: "بعض هذه الحجارة بركانية، ويمكن أن تنفجر تحت تأثير الحرارة".
وبعد اختيار الحجارة المناسبة، يعود إلى مشغله راسماً بمخيلته التحفة الفنية للأحجار التي بحوزته.
ويشدد العظامات على أن منحوتاته يجب أن تكون متقنة وجميلة، واصفاً أن العمل لإنتاج بعض المنحوتات قد يستغرق أياماً طويلة، وذلك بحسب حجم القطعة، مشيراً إلى أن عمله يتطلب مراحل كثيرة آخرها "العناية المركزة" –كما يصفها- لتخرج منحوتاته بأفضل شكل ممكن.
ويؤكد أن المنطقة التي يقطن بها، جاذبة للسياح، لوجود العديد من المناطق الأثرية، لذلك لا بد من منتج فني يجذب السائح لاقتنائه، مشدداً على أن إنتاج هذه القطع يساهم بتوفير فرص عمل للشباب والفتيات في المنطقة، بعد امتهانهم لهذه المهنة. لافتاً إلى أنه يقدم التدريب على النحت للشباب والفتيات.
ولم يغفل العظامات أن الجدّات في المنطقة كن يستخدمن النحت بطريقة بدائية، فقد كن ينحتن الرحى لطحن الحبوب، مما يعني أن هذه المهنة متجذرة في المنطقة.
ولم يخف عشقه للأحجار البازلتية والتحف الفنية، مؤكداً أنه قام بتعليم أبنائه وبناته هذه المهنة التي يعشقها، والتي تدر عليه مصدر دخل ساهم بحصولهم على شهادات أكاديمية متقدمة.
ويرى العظامات المستقبل لهذه المهنة للشباب والشابات في منطقته، ويمكن أن يوفر فرص عمل لهم خاصة بعد إدراج أم الجمال التي تقبع في محافظة المفرق، على خارطة السياحة العالمية، كما يفخر بأن مدخل بلدته أم القطين يتزين بأعماله، وخاصة في "دوار الدلة" و"دوار الدبابة" إضافة إلى مساهمته في منحوتات لنصب شهداء صبحا، ويطمح أن يتم الاستفادة من خبرات النحاتين في تزيين مداخل المدن والقرى الأردنية، بمنحوتات حجرية تمثل الإرث الحضري التراثي.