يحمل الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، في ثناياه معاني ورسائل عظيمة تترك أثرًا كبيرًا في نفوس المؤمنين المتفكرين فيها. ويُعَدّ موسمًا مخصصًا للطاعات، تتنزل فيه نفحات المغفرة والرحمة، ويتعاظم فيه الزمان والمكان.
لذلك، سنبحر اليوم في بعض الرسائل والدلائل التي يحملها ركن الحج الأكبر.
إن الحج يحمل ذكرى عظيمة الأثر في نفوس المؤمنين، وهي ذكرى فداء سيدنا إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم، بعدما أراد سيدنا إبراهيم عليه السلام الاستجابة لأمر الله وذبحه. وهي تحمل لنا معاني التضحية العظيمة، التي ينبغي للعبد أن يُقدِّمها لربه على الدوام.
ومن معاني الحج أيضًا تذكُّر يوم الحساب، الذي تُعرض فيه جميع الخلائق، على اختلاف أسمائها ومنازلها في الدنيا، في وقتٍ واحد، ومكانٍ واحد، وباللباس ذاته، يرجون رحمته، ويؤكدون عبوديتهم له، وينفون الشريك عنه. ومن الرسائل في ذلك أن كل ما في هذه الدنيا لا قيمة له، إذ يفقد الإنسان متاعه في لمح البصر؛ فالألقاب والمال والرتب متاعٌ زائل، وما عند الله باقٍ، والعمل الصالح هو ما يرفع قدر المسلم.
إن المسلم يفرح بمواسم الطاعة، لأن الفرح فيها عبودية لله، ومن تقوى القلوب، وذلك لقوله تعالى:
"ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ".
فلنغتنم هذا اليوم العظيم، الذي ينزل فيه الله إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله، ويباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول:
"ها هم عبادي قد جاؤوني شُعثًا غُبرًا، أُشهدكم أني قد غفرت لهم".
فالله خلقنا، وعلينا أن نستشعر عظمته في كل وقت وحين، ولنستثمر هذا اليوم بالدعاء لغزة، وللأمة الإسلامية، بأن يوحِّد الله كلمتها، ويحفظ بلادنا آمنة مطمئنة من كل الشرور. وكل عام وأنتم بخير.
م. عبدالله الفاعوري