لا يمكن تخليد أمة أو وطن دون ذكر بُناتها الأوائل ورجالاتها الكبار الذين أفنوا حياتهم في خدمة الدَّولة والعرش، وما عرفوا فساداً أو بُغاثاً بل كانوا صناديد الوفاء وحرباً على البُغاة والطُّغاة وشذَّاذ الآفاق، والشَّيخ جويبر العتيبي حاجب الملوك دون أن يحجب مظلمة، وكريم الأصل والمنشأ والمآل دون أن تردهُ مسغبة، إبن عتيبة "الهيلا" الكبار؛ ذبَّاحة الحايل، ولطَّامة "العايل"، ورجل الوطن الذي قدَّمَ دون منَّة، ورحل كما يرحل الفرسان الكبار مُسلَّحاً بسيرة نقيَّة، وسريرة كما هي رائحة الهيل في مجالس النُّبلاء.

ما كنتُ لأذكر هذا الزَّعيم النَّبيل لولا إيماني بأن هذا الوطن عظيم بُنِيَ على الحبِّ وتضحيات البُناة الكبار الذين صاغوا البيعة الأولى مع الملك المؤسس لبناء وطن هو بين الرِّمش والعين، وصنعوا بالنُّبل والمروءة التَّوأمة الخالدة بين الأردنيين والهاشميين، وكانت بيوتهم -كما هي قلوبهم- عامرة بالوفاء والعفّة والانتماء للتراب والعرش والإنسان، وكتبوا ملحمة خالدة لوطن أضحى كالشَّامة بين الأمم بشعبه وقيادته واعتداله، وكانوا -كما نحن بأذن الله- مُحافظين على العهد والوعد وهوية الوطن ورسالة قيادته.

هؤلاء الكبار لم يعرفوا للسفارات طريقاً، ولا للأجنبي مُعاقرة أو مُطارحة في أقبية الليل، وما كُتب في سفرهم الخالد مظنة خيانة أو نصرة لمتآمر أو مُتخاذل أو غارق في مستنقعات الشَّللية والفرديّة والهوان، هؤلاء الكبار الكبار تربوا في مدارس الهاشميين كما هي طهارة بيوتهم وصهيلُ الخيل نُصرة للثورة، وبناء للدولة، وصيانة للعهد والوعد الذي تربّوا عليه، وصوناً لشرف المسؤوليّة الذي حفظوه بطهر ورجولة عزَّ نظيرهما، وواجبنا في حزب المحافظين الأردني تخليد رجالات الوطن وفاءاً لتضحياتهم الجسام.

الأوطانُ التي تعتَّزُ بتاريخها تحفظُ للراحلين من بُناتِها، والكبار من رجالاتها قسط من الوفاء، وتسجل في سفر الوطن وفاءاً لمن تركوهم بعدهم – ما داموا حافظين للوطن والبيعة وصدق العمل– لا أن تبعثرهم، وتلقي بهم في مساحات الحزن المُعتّق نكراناً لتضحيات آباءهم وأجدادهم المخلصين، وتجسيداً لسيطرة العبث على مساحات الوطنيّة الشَّريفة، ولعل جويبر العتيبي مثالاً على سهو مؤدلج أو إقصاء ممنهج لا يخدم البتَّة مسيرة الوفاء الوطني.