facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سرقات الكهرباء: فقر، وحر يقابله كلف تكييف وتبريد، وسجون قد تمتليء


أ.د. محمد الفرجات
13-07-2025 12:09 AM

29,636 حالة سرقة كهرباء في عام واحد!

هذا الرقم الوارد في تقرير هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن لعام 2024 ليس مجرد إحصائية عابرة، بل هو مؤشّر عميق على أزمة ثلاثية الأبعاد تعصف بالمجتمع الأردني: الفقر، وغلاء الكهرباء، وأثر التغير المناخي على الطلب.

فحين نتحدث عن تطبيق القانون الجديد بصرامة، والذي يفرض عقوبات قد تصل إلى السجن، فإننا ببساطة نتحدث عن احتمالية أن نحتاج إلى تشييد سجن في كل لواء في الأردن لاستيعاب المتهمين بسرقات الكهرباء. ليس تهويلاً، بل قراءة واقعية للمعطيات.


الفقر كعامل رئيسي

عندما يسرق الناس الكهرباء، يكون ذلك غالبا للأسف بدافع الفقر وإرتفاع كلف فاتورة الكهرباء، عندما يبحثون عن الدفء في الشتاء أو نسمة هواء في الصيف، مع كلف متطلبات الحياة من طعام وعلاج وتعليم ومحروقات وإتصالات وفواتير المياه، أمام رواتب متدنية.

أسعار الكهرباء شهدت ارتفاعات متتالية، بينما ظلت دخول الناس إما راكدة أو آخذة بالتآكل بفعل التضخم وتراجع القوة الشرائية. 1.6 مليون مواطن مسجّلون على منصة دعم الكهرباء، ومع ذلك لا تزال الأعباء تثقل كاهل الغالبية.

المناخ يزيد الطين بلّة

الاحترار العالمي ليس مجرد موضوع أكاديمي، بل بات واقعاً يوميًا. موجات الحر التي أصبحت أطول وأكثر شدة تعني أن التبريد بات ضرورة لا رفاهية. ومع غياب حلول بديلة للكهرباء المنزلية أو أنظمة تكييف موفرة للطاقة، يجد المواطن نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: الاختناق من الحر... أو فواتير الكهرباء الباهظة لتشغيل المكيف.


شبكة مثقلة بالفاقد... ومديونية مشتركة

التقرير يشير إلى أن نسبة الفاقد الكهربائي على شبكة التوزيع تبلغ 11.85%. جزء كبير منها ناتج عن الاستجرار غير المشروع، ما يضع شركات التوزيع أمام مأزق مالي خانق. ومع أن العدادات الذكية ارتفعت بنسبة 161%، إلا أن ذلك لم يمنع الزيادة في عدد السرقات.

بمعنى آخر، الناس مديونة... الحكومة مديونة... وشركات الكهرباء مديونة. دائرة مغلقة من العجز تُظهر أن الحلول الأمنية والقانونية وحدها لن تكفي.

أين الحل؟

الحل الحقيقي لا يكمن في العقوبة فقط، بل في معالجة جذور الأزمة:

1. إعادة هيكلة التعرفة الكهربائية بما يتناسب مع قدرة المواطنين وتوسيع شريحة الدعم.
2. تحفيز مشاريع الطاقة الشمسية المنزلية للأسر محدودة ومتوسطة الدخل، عبر قروض ميسرة أو منح.
3. تحقيق العدالة في الدعم، بحيث لا يستفيد المقتدرون من دعم لا يحتاجونه.
4. ربط مواجهة تغير المناخ بسياسات الطاقة، وتقديم حلول تبريد مستدامة وموفرة للطاقة.
5. التعامل مع السرقات كظاهرة اجتماعية وليست فقط أمنية، تحتاج لبرامج وقائية وتوعوية وحلول اقتصادية.

كلمة أخيرة:
ما يجري اليوم ليس "سرقة" بالمعنى الأخلاقي الصريح، بقدر ما هو انفجار لأزمة معيشية تتفاقم بصمت. ومع ارتفاع درجات الحرارة عامًا بعد عام، واتساع فجوة الدخل، لا يمكننا التعامل مع 29 ألف حالة استجرار غير مشروع وكأنها جريمة منظمة جماعية.

إن لم نلتفت كحكومة وكمجتمع ومؤسسات إلى حجم هذا الإنذار المبكر، فسنجد أنفسنا نبني سجونًا بدل أن نبني حلولًا، ونزرع الأسلاك الشائكة بدل أن نزرع الخلايا الشمسية.

اللهم كن في عون الناس... والحكومة... وحتى شركة الكهرباء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :