في خطوة جريئة نحو تجديد الفكر التربوي، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن اعتماد نظام جديد للعام الدراسي 2025-2026، يبدأ فيه الدوام المدرسي عند الساعة التاسعة صباحًا، مع إلغاء الامتحانات الفصلية بشكل كامل، واستبدالها بوسائل تقييم حديثة تعتمد على المتابعة المستمرة لأداء الطلبة طوال العام الدراسي.

هذه التجربة الرائدة جاءت استجابة لحاجات إنسانية وتربوية واضحة؛ فالتعليم ليس سباقًا مرهقًا نحو ورقة امتحان، بل رحلة متواصلة لاكتساب المعرفة وتنمية المهارات. بداية الدوام المتأخر تمنح الطالب راحة نفسية ونشاطًا أكبر، وتلغي الرهبة التي كثيرًا ما دفعت الطلبة إلى الهروب من التعليم أو التعامل معه كعبء ثقيل. التعليم هنا يصبح تجربة ممتعة، تُنمّي العقل والروح معًا.

في الأردن، ورغم محاولات التطوير، ما زالت منظومتنا التعليمية أسيرة الأساليب التقليدية. كثير من الطلبة يفقدون حافزهم بسبب رهبة الامتحانات وضغوطها، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب الانقطاع عن الدراسة وخسارة طاقات شبابية نحن بأمسّ الحاجة إليها. والسؤال الملح: ألا يستحق طلبتنا نظامًا تعليميًا حديثًا، يُعيد الاعتبار للمعرفة والإبداع بدلًا من الحفظ والتلقين؟

الأردن يمتلك عقولًا نيرة وكفاءات قادرة على صياغة نموذج وطني متطور. وما ينقصنا ليس القدرة، بل الجرأة في اتخاذ قرار يعيد رسم خريطة التعليم. نظام يضع الطالب في المركز، ويعتبره إنسانًا كامل الطاقات، لا مجرد رقم في كشف علامات.

إن الاستثمار الحقيقي في المستقبل يبدأ من الصفوف المدرسية، حيث يتشكل وعي الأجيال وتُبنى شخصية الوطن القادمة. وإذا أردنا أن نلحق بركب الدول المتقدمة، فعلينا أن ننتقل من منطق الامتحان كهاجس، إلى منطق التعلم كمتعة ومسار حياة.

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل سنظل نُحمل أبناءنا إرث الامتحانات التقليدية التي أنهكتهم وأرهقت أسرهم، أم سنجرؤ على إطلاق إصلاح وطني شامل للتعليم، يفتح أبواب الإبداع، ويقود الأردن بخطى واثقة نحو المستقبل؟

الرأي