المدن والقرى الأردنية بين ترهل الإدارة وتحديات الاستدامة: نحو حلول عملية
أ.د. محمد الفرجات
23-09-2025 01:48 PM
تواجه مدننا وقرانا الأردنية أزمات متراكمة تتجلى في الاكتظاظ، والتلوث، وسوء إدارة النظافة والأنقاض، وتردي صيانة الشوارع والبنى التحتية والفوقية، إضافة إلى غياب حقوق المشاة وضعف الفعاليات الثقافية والمبادرات المجتمعية. كما تتفاقم مشاكل الإكتظاظ المروري والنقل العام، وتراجُع الغطاء الأخضر، مع تحديات الاستدامة في ظل التغير المناخي، فضلاً عن ضعف العناية بالأطفال والشباب، وغياب الحدائق والمرافق العامة.
إن جوهر هذه الإشكاليات لا يكمن في الموارد فحسب، بل في سوء الإدارة وتعدد المرجعيات وغيابها في الوقت ذاته، مع غياب رؤية تنفيذية واضحة أو خطط طويلة المدى.
التحديات الرئيسية:
1. الازدحام والتلوث: توسع عمراني غير منظم يضغط على البنية التحتية المحدودة، ولا يراعي جمال المدن والمنظر العام.
2. النظافة والأنقاض: غياب أنظمة إدارة متكاملة للنفايات وإعادة التدوير.
3. صيانة الشوارع والبنية التحتية: غياب فرق الرقابة والمتابعة الميدانية وفرق الصيانة، ما يجعل الأعطال والتشوهات والمشاكل متكررة ومتفاقمة.
4. حقوق المشاة: الأرصفة محتلة أو غير مؤهلة، مما يحد من السلامة ويقلل من جودة الحياة.
5. الأمن المروري والنقل: ضعف النقل الجماعي وزيادة المركبات الخاصة يولدان أزمات يومية.
6. الغطاء الأخضر والمناخ: التصحر والزحف العمراني على حساب المساحات الخضراء.
7. الفعاليات الثقافية والمبادرات: ندرة البرامج التفاعلية التي تعزز الهوية والانتماء.
8. الأطفال والشباب: ضعف البرامج التربوية والترفيهية الموجهة لهم في الفضاءات العامة.
الحلول المقترحة:
1. الحوكمة وتوحيد المرجعيات
- إنشاء مجالس مدن وقرى تنموية تعمل بشفافية، تضم ممثلين من البلدية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
- توحيد المرجعيات الخدمية تحت مظلة واحدة، تمنع تضارب الصلاحيات.
2. إدارة متكاملة للنظافة والأنقاض:
- اعتماد نظام الفرز من المصدر للنفايات.
- إطلاق مصانع محلية لإعادة التدوير، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال.
- وضع غرامات رادعة على رمي الأنقاض في الساحات العامة.
3. بنية تحتية ذكية ومستدامة:
- صيانة الطرق والشبكات بمفهوم العمر الافتراضي لا الترقيع.
- استخدام مواد حديثة صديقة للبيئة وقابلة لإعادة الاستخدام.
- رقمنة إدارة البنية التحتية عبر أنظمة GIS لمتابعة الأعطال بشكل مباشر.
4. النقل وحقوق المشاة:
- تطوير منظومة نقل عام متكاملة تعتمد على الحافلات الكهربائية والربط الذكي.
- إعادة تصميم الأرصفة والممرات لتلبي معايير السلامة.
- إنشاء مسارات خاصة للدراجات الهوائية.
5. الغطاء الأخضر والمناخ:
- التوسع في مشاريع التشجير الحضري باستخدام أشجار قليلة الاستهلاك للماء.
- ربط الحدائق بأنظمة حصاد مائي لتأمين الري.
- إطلاق مبادرات "حديقة لكل حي" و"شجرة لكل مواطن".
6. الأمن المروري:
- توسيع استخدام الكاميرات الذكية لمراقبة المخالفات.
- تعزيز التوعية المرورية في المدارس والجامعات.
- تطوير قوانين مرورية أكثر صرامة مع تطبيق عادل.
7. الثقافة والمبادرات المجتمعية:
- تحويل المراكز الثقافية إلى منصات مفتوحة للإبداع، تضم فعاليات شبابية وفنية ورياضية.
- تمويل مبادرات مجتمعية صغيرة عبر صناديق بلدية.
- إشراك الشباب في التخطيط الحضري عبر مجالس استشارية.
8. العناية بالأطفال والشباب:
- تجهيز الحدائق العامة بألعاب آمنة ومرافق تعليمية.
- تخصيص مساحات للأنشطة الرياضية والفنية بأسعار رمزية.
- إطلاق برامج صيفية لتعزيز روح الانتماء وخدمة المجتمع.
إن مدننا وقرانا الأردنية بحاجة إلى إدارة رشيدة، ورؤية موحدة، وخطط تنفيذية قابلة للقياس والتقييم. الحلول ليست بعيدة المنال، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية، وإدارة متخصصة، وتعاون مجتمعي. عندها فقط يمكننا أن نحول التحديات إلى فرص، ونصنع بيئة حضرية مستدامة تحفظ كرامة الإنسان وتحقق رفاهيته.