facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كيف نقرأ الدبلوماسية؟ خطاب الملك استراتيجية تصاعدية ومكتسبات تستوجب المواكبة


بسام محمد أبو رمان
29-09-2025 05:55 PM

أما وقد غادر جلالة الملك مقر الأمم المتحدة عائدا الى أرض الوطن، محملاً بما شهدته تطورات الساعة من اعترافات تاريخية، رضخت لتثبت حق فلسطين في سجل الحياة؛ مع فخرنا بما أنجز وتوقنا لما بعده؛ بات علينا لزاما أن نرتقي لمواكبة الحدث. فلم نعد نتحدث عن مجرد الطموح ونبذة الأمل. إنه وقت إتمام العمل. وقت البناء على ما تم من مكتسبات وقطف الثمر دون كلل. وبالتالي، تعرض هذه المقالة ابتداءً- لغير المختص- ما تعنيه لغة السياسة وأدوات الدبلوماسية في الحوار وعلم المفاوضة بين الدول. ومن ثم تنتقل لتحديد الأثر القانوني لما تقدم؛ قبل أن تختم بما توجبه علينا تلك المنجزات من التزامات، وفقا لما يلي:

من الناحية الديناميكية البحتة، تعرف الدبلوماسية يا سادة على أنها "فن إدارة العلاقات بين الدول". واتقصد مصطلح "فن" بكل ما تعنية الكلمة من معنى. حيث أن الأصل منها هو إجادة القدرة على إيصال الرسائل الباتة/المنجزة لتحديد الخطوط الحمراء، قبل الدخول بالمفاوضات المباشرة- على الرغم من اختلاف مراكز القوى! وبالتالي، فإن من شأن الدبلوماسية الناجحة، حصراً، القدرة على تحديد هامش المناورة بشكل دقيق، مع توعية الطرف المقابل حول الحدود التي لا تخضع للمفاوضة دون تنازل؛ انتهاء بالقدرة على المثابرة، إما لحين تحقيق الغاية أو تحديد البديل.

وحيث أن الأمور لا تقاس إلا بغاياتها، يتحتم علينا ابتداءً، الإقرار بنجاح الدبلوماسية التي اتبعها جلالة الملك في تحقيق المكتسبات حتى اللحظة. وهي دبلوماسية تصاعدية حافظت على رباطة الجأش في مواجهة التحديات، بل تمكنت أيضا من التصعيد بقدر الحدث على مر الثلاثة عقود الماضية. حيث ابتدأت بأن صانت العهد "باللاءات الثلاث" على الرغم من كافة أشكال الضغوط المباشرة والمبطنة، منذ تولي العرش. انتقالا الى قيادة الحملة المناهضة لأعمال الفصل العنصري على صعيد الإدانة الدولية من جهة، والقضائية المتمثلة بالترافع أمام محكمة العدل الدولية من جهة أخرى- الى أن صدر الرأي الاستشاري الصريح برفض كذبة الدفاع عن النفس، وتجريم أعمال الجدار الفاصل عام 2004. والمثابرة دون مهادنة للاعتراف بفلسطين وإقرار حل الدولتين وصون الوصاية الهاشمية، الى الحد الذي جعل منه أول المصرحين الفاعلين بمعارضة قرار الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية لها نهاية ال2017. على الرغم مما عاناه الأردن من تبعات اقتصادية وضغوط جيوسياسية- بعد التوجه للأمم المتحدة للتصويت ضد القرار- تمثلت بقطع المعونات الأمريكية والتضييق السياسي والتهديد الدبلوماسي الصريح الذي جاهرت به السفيرة الأمريكية لمجلس الأمن "نيكي هايلي" آنذاك. وصولاً لكونه أول من ساهم بنفسه في اول عمليات الإنزال وكسر الحصار على غزة في شباط 2024، والمبادرة بإرسال المستشفى الأردني من أفراد قواتنا المسلحة البواسل، مستعينا بعلاقاته الدبلوماسية الحصيفة التي أرغمت الكيان المحتل على قبولها. وصولاً الى ضربه منصة الخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في اجتماعها ال79 العام الماضي، للتأكيد على "رفض سياسة التهجير وبأن القدس خط أحمر"، في رسالة دبلوماسية مفادها العزم والتحدي الصريح لحكومة التأزيم الإسرائيلية.
بالإضافة الى الثبات في مواجهة الإملاءات الأمريكية بفرض استقبال الغزيين والتصريح بذلك من منتصف البيت الأبيض دون مهاودة. وخطابه امام البرلمان الأوروبي في حزيران2025 لمصارحتهم بأن "العالم في صمته عن مجازر غزة يتجه نحو انحدار أخلاقي مخزٍ لإنسانيتنا، ومنذرٍ بعواقب وخيمة". وانتهاء بخطابة أمام الأمم المتحدة البارحة، بأن طفح الكيل، وبأنه "الاحتلال الأقدم لشعب مسلوب الإرادة، من قبل دولة تدعي الديمقراطية. وانتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان، وهو إخفاق يوحي بالتغاضي والخذلان".

إذن فقد أثبتت كافة المقاربات الدبلوماسية الهاشمية لدى قيادات الغرب وشعوبه، بأن الضغوط لن تثنينا، وبأن الانتصار محال على من لا يملك شيئا ليخسره- سيما وإن كان على حق. وبأن العنف لا يولد إلا العنف بالمقابل. وأخيرا، بأن العنف من شأنه أن ينال من الجميع، ما لم يتحلى العالم بالشجاعة والإنسانية اللازمتين لفرض السلام. كما وتعي هذه الدبلوماسية الرصينة بواقعية تامة، بأن أدوات القانون الدولي بحاجة الى القوة لفرضها في مواجهة غطرسة الأقوياء، إلا أنها تعي أيضا بأن "القوة" بحد ذاتها ليست حكراً على من يمتلك العتاد! ولا أدل على ذلك من السيطرة الذي وصلت اليها الصهيونية ذاتها على مستوى العالم، على الرغم من اقتصار تعبيرها عن نفسها بالفكر المسموم قبل المناورات العسكرية! إنها الواقعية التي تفرضها رصانة الدبلوماسية الهاشمية المسؤولة في ضوء المعطيات، الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

اللهم إنا نستودعك الاردن وأهلها، وارضها وامانها، فاحفظها بحفظك يا رب العالمين، ورد عنها كيد الكائدين، واجعل كيدهم في نحورهم يا قوي يا متين. هنيئا لك سيدي ما أنجزت، فسر حراً واثق الخطى، وإنا من ورائك سائرون في مواجهة العالم حتى يستفيق، "فالحر حر وإن أوثقته، والسيف سيف وإن كان فردا". ها هو سيد البلاد يجدد العهد أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، على حق فلسطين بإعلان ميلادها وحقنا بالاحتفال به. وبأننا نملك الشجاعة للسلام كما نملك الواقعية اللازمة للإقدام بالمقابل. وبالتالي، فقد أضحى لزاما على كل نشمي ونشمية على تراب هذا الوطن أن يعي ضرورة الالتفات خلف القيادة قولا وفعلاً، وهي رسائل دبلوماسية تجيد السفارات الغربية التقاطها وتقيمها بما تستحق. فإما تردع النتن وغيره من الطغاة عن وأد حل الدولتين، أو تدعم نزعاته اللاهوتية في السعي خلف حلم "إسرائيل الكبرى".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :