facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




زوايا الموقف الملكي في الخطاب والحوار ..


محمد حسن التل
29-10-2025 07:07 PM

ربما للأسف لم يفهم البعض معنى قول الملك عبد الله الثاني عندما قال في خطابه تحت قبة البرلمان طبعا الملك يقلق، وهو لم يقل انا قلق والفرق كبير بين اللفظين فانبروا بطريقة الفزعة يتحدثون من منطلق فهمهم الخطأ للمنطوق السامي..

الملك أراد من إشاراته للقلق أنه بالنهاية هو إنسان يطمئن ويقلق كباقي الناس..فما بالك عندما يكون الرجل قائدا مسؤولا عن شعب بأكمله ، وفي جغرافيا قلقه تتعرض لعدم استقرار دائمة وتواجه مشاريع لا يعلم بها إلا الله تعالى تحاول قوى كثيرة إيجاد خطوط جديدة تفرض حضورها على المشهد في منطقة تمور كالرمال المتحركة وكل يوم تتبدل معالمها وكبحر هائج لا يهدأ وعليه أن يقود سفينته وسط هذا العواصف والمخاطر..ليحمي من فيها ..

خطاب العرش الأخير للملك عبدالله الثاني لم يكن مجرد افتتاح بروتوكولي لدورة برلمانية جديدة، كان تأكيد لمواقف راسخة، وتأكيد على ركائز العلاقة بين الدولة ومواطنيها لقد قدّم الملك رؤية واقعية صريحة حول التحديات التي تواجه الأردن، ووضع الأردنيين أمام مرآة واضحة "لقد آن الأوان أن نتصرف كشركاء في الدولة لا كمتفرجين عليها".

«نعم، يقلق الملك، لكن لا يخاف إلا الله... ولا يهاب شيئًا وفي ظهره أردني». في هذا المنطوق الملكي تجلت المعادلة الأردنية النادرة في العلاقة بين مؤسسة الحكم وأبنائها ، فالملك لا يكتفي بدور القائد الحامي، بل يعلن صراحة أنه يستمد قوته من الأردنيين أنفسهم، هذا التعبير ليس عاطفة، لكنه يمثل أقصى درجات الصدق السياسي.

الملك يعي بعمق أن الواقع المعقد يحتاج إلى جدية لا إلى طمأنة شكلية. فالقلق، كما عناه الملك، ليس خوفًا بل يقظة وطنية، تنبه الجميع إلى أنه لم تعد الشعارات تكفي وأن مرحلتها انتهت، وأن الأردن لا يعيش ترف الوقت ولا رفاهية الانتظار.

حين يقلق رأس الدولة، يصبح إنكار الواقع ضربًا من اللامسؤولية الوطنية، ويصبح الواجب هو العمل وليس التعبير عن العواطف فقط..

كانت إشارات الملك الداخلية واضحة، فالتحديث السياسي لا بد أن يستمر، والعمل الحزبي النيابي يجب أن يكون مكرسًا للوطن لا للأفراد، والاقتصاد يجب أن يُترجم إلى مشاريع وفرص عمل ملموسة، أما القطاع العام، فعليه أن يتطور إلى ما يلمسه المواطن مباشرة على خصوصا في التعليم والصحة والنقل وهذا يعني أن الملك يدرك جيدا أكثر من غيره بالتأكيد معاناة الناس وأنه يقف خلف كل إنجاز في هذه المجالات لكنه يحث الجميع على المزيد حتى يصل الإنسان الاردني الى قمة الاطمئنان والراحة في الخدمات التي تمثل أضلاع الحياة اليومية بالنسبة له.. وعندما قال الملك: «نحن اليوم لا نملك رفاهية الوقت، ولا مجال للتراخي»، كان يوجّه رسالة مزدوجة إلى المسؤولين الذين اعتادوا الإيقاع البطيء، بأن مناصبهم لم تعد مواقع راحة بل واجب وطني، وإلى المواطنين بأنهم لم يعودوا متفرجين بل شركاء في الفعل، إنها لحظة الانتقال من ثقافة التذمر إلى ثقافة المشاركة، ومن اللامبالاة إلى الفعل.

قدّم الملك قراءة مسؤولة لموقع الأردن في محيط مشتعل. تحدّث عن غزة والضفة الغربية والقدس بلغة مختلفة عن اللغة الدبلوماسية ، بل بلغة الموقف العملي. فحين قال: «سنستمر بإرسال المساعدات الإغاثية وتقديم الخدمات الطبية الميدانية»، كان يقدّم التزامًا عمليا ثابتا وعندما أكد أن الأردن «لن يقبل باستمرار الانتهاكات في الضفة الغربية»، وضع حدودًا سياسية واضحة في وجه سياسات الأمر الواقع. أما حديثه عن الوصاية الهاشمية على المقدسات، فقد جاء كتثبيت لمبدأ رسالي وعقائدي يخص بني هاشم وتاريخي وقومي، لا كامتياز رمزي. هذا الحديث، رغم أنه يبدو موجة للخارج، يحمل في جوهره رسالة للداخل.. إن الملك يقف في الخطوط الأمامية دفاعًا عن قضايا الأمة والأردن، وعلى الأردنيين أن يقفوا خلفة في الخطوط الداخلية دفاعًا عن دولتهم.

وفي مقطع بالغ الرمزية، قال الملك: «أولهم الحسين، إبني وابنكم». لم تكن هذه جملة عاطفية بقدر أنها سياسية بامتياز، فهي ترسيخ لنهج الاستمرارية حين يقدم الملك ولي العهد كجندي في الصف الأول لا كوريث امتياز إنها رسالة تؤكد أن الدولة مشروع مستمر في خدمة الوطن، وأن العرش ليس امتيازًا بل التزامًا ومسؤولية، وأن استقرار القيادة هو استقرار الوطن نفسه.

كل هذه الرسائل الملكية تتطلب منا تجاوز ميدان العواطف إلى خندق الإصطفاف الوطني ، فالفزعة لا تصنع وطنًا ، والملك يريد اصطفافًا وطنيًا دائمًا لتحصين الأردن .. دعم القائد المطلوب يجب ان يكون ممارسة، يوميًة منضبطًة تترجم الولاء إلى فعل، والانتماء إلى إنتاج.. أن تقول «أنا سند الملك» يجب أن لا يكون لفظا فقط، بل أن ترفض الواسطة، وتدافع عن الكفاءة، وتحرص على المصلحة العامة كحرصك على بيتك.

فالمواطنة في رؤية الملك ليست حالة شعورية فقط، بل ممارسة مسؤولة داخل دولة قانون ومؤسسات.

وفي توجيهه المباشر لمجلس الأمة، حمّل الملك النواب والأعيان المسؤولية في استكمال مسار التحديث السياسي وترسيخ العمل الحزبي الحقيقي. ، والتذكير بأنه إذا فشل المجلس في أداء دوره، فإنه يشكل عائقا أمام إرادة الدولة في التحديث والإصلاح!!

في الشأن الاقتصادي، قدّم الملك رؤية عملية لا تقوم على المؤشرات بل على حياة الناس. فالحديث عن فرص العمل، والمشاريع الكبرى، والاستثمار، ورفع مستوى المعيشة، ليس لغة خبراء بل لغة الواقع وعندما قال «علينا الاستمرار في تطوير القطاع العام، ليلمس المواطن أثر الارتقاء بالخدمات»، وضع الإدارة العامة تحت المجهر، موجهًا رسالة إلى الطبقة البيروقراطية بأن الأداء أصبح بل معيارًا للثقة العامة.

بهذا المعنى، يصبح الولاء الحقيقي اليوم مسؤولية نقدية لا صمتًا مريحًا. خدمة الوطن ليست في التهوين من الفشل ولا في الغاضي عن الأخطاء ، بل في المطالبة بالكفاءة والمساءلة.. فالسكوت عن التقصير لم يعد حفاظًا على الاستقرار، بل تواطؤًا على إضعافه.

عندما قال الملك في ختام خطابه: «لا خوف على الأردن القوي بشعبه ومؤسساته». فهذا ليس للطمأنية فقط، بل تلخيص لعقد وطني جديد، المسؤولية الجماعية في ملحمة البناء والأصلاح والتحديث ومن هنا فإن السؤال لم يعد: «هل نقف مع الملك؟» بل أصبح: «هل نحن مستعدون أن نكون عونه الدائم، لبس فقط بالعواطف بل بالفعل على الأرض .

الملك يدرك ونحن يجب أن نفهم أن الولاء ليس لحظة وجدانية، بل التزام وطني دائم ومن لم يفهم مغزى الخطاب الملكي فقد فاته أن يفهم جوهر اللحظة الأردنية الراهنة لحظة الصدق، والعمل، والمسؤولية المشتركة..

بعد خطاب البرلمان الملك مرة أخرى ثبت زوايا الموقف الأردني مما يجري في غزة وجميع ملفات القضية الفلسطينية في حواره مع محطةbbc...عندما جزم أن لا قوات أردنية على الأرض في غزة وإن الأردن لن يتورط بهذا الشأن لكنه ممكن أن يشارك في حفظ السلام وليس فرضه فالفرق شاسع بين المفهومين وأنه مستمر في دعمه الإنساني للغزيين وهو أول من أشار للعالم أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة في غزة عندما حلق الملك بنفسه فوق غزة ورأى عمق الجريمة..

زاوية الضفة في الموقف الأردني ثابتة، لا للضم ولا للتهجير ولا للمس بالقدس ويجب إيقاف ما تقوم به إسرائيل هناك ولا مساومة على هذه العناويين..

خلال يومين حدد الملك من جديد طبيعة المرحلة القادمة وطبيعة التعامل معها على المستويين الداخل والخارجي...فهل هضم الجميع إشارات الملك ..يجب أن يكون ذلك..ومن لم يفهم يكون قد ظلم نفسه!!!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :