عمون - صدر حديثا عن دار المنال العربي ديوان شعري للشاعر الأردني بسام سعيد عرار.

جاء الديوان في مئة وخمس صفحات من القطع المتوسط، وضم بين دفتيه أربعين قصيدة.

قدم للديوان الأديبة عنان محروس، وتقديم الناشر للأديبة ديمه العاشور.

تنوعت مضامين القصائد بين العاطفي والواقعي والإنساني والتطلعات وذاكرة الذاكرة في فضاء تلاقت فيه ذاكرتان، ذاكرة تنزف بما كان، وأخرى تتشكّل على مهل بما سيكون، يولد هذا الديوان وليد اللحظة المتأرجحة بين الأمس والآتي، بين مرارة التجربة وبصيص الرجاء.

إنه تحليق تستقبل فيه الذات الإحساس المرهف وتجارب سابقة من العمق الإنساني، وتمزج شفافيتها بروح دافئة، ربما من أجل تجديد المستقبل أو تغييره إلى الأفضل كما يراه الشاعر.

فيه صرخات ونداءات، وظلال حزن عتيق، وأصداء رجاء ينبت في العتمة كغصن أخضر، لكن الذاكرة لا تحتفظ بالوجع وحده، ففي قلب العتمة ينبت الضوء، تُذكّر هذه القصائد القارئ بأن التجربة البشرية رغم آلامها تختزن في عمقها طاقة هائلة على التجاوز والتحوّل.

إنه ليس مجرد ديوان شعر، بل رحلة عبر أزقة الروح ودهاليز الفكر، ومحاولات للإمساك بلحظة التساؤل الخالصة، حيث يتجاوز الشعر حدود الكلمة، ليلامس حافة اليقين واللايقين، ووقفة متأنية على تخوم ما كان وما سيكون.

هنا نجد تحفيزًا واضحًا لمسح كل البقايا والتراكمات المؤلمة من الذاكرة، لتستبدل ديمومتها الموجعة بديمومة الوجود المبهج، ولإقصاء القلق والغياب المرّ إلى عالم فلسفي لكنه منطقي يسعى لاستكناه طبيعة الحقيقة وقياس ثقل الزمن، عالم يتلقفه كأنه لبّ القصيد وعمود القصيدة ثم يرميه إلى المغيب الأخير.

في ثنايا المقارنة يوضح الأضداد في تقابل للتعرف على عوالم خفيّة في إطار انزياح نفسي، ودلالات جمالية في النصوص، لتشكل النصيحة دربا يمشي عليه الشاعر كرعش الصدى بين سرابات الهديل، ومن أراد الوصول فعليه بالأصول، فلا يمكننا إدراك الكمال ونيل النعم إلا بالعمل الدؤوب لتحقيق التلاقي بعد طول الانتظار المُضني، ولنحسن اختياراتنا، ونسعى إلى ترميز يترجم صيغة ما بين ضلوعنا لحقيقة مبتغانا من العشق للخير والوطن، للبشر ولكل العوالم الواقعية والآفاق، علنا نستيقظ على فجر مشرق جديد نلتقي به لنرتقي، ليقبّلنا على جبيننا حُلمًا ويغرس بذور أمنية في غفلة من فيضان الزمن، عبر عوالم لا حصر لها، طوت المسافات بين ذاكرات حسيّة وأربعين عنوانًا لافتًا، تتشابك فيه خيوط الذاكرة الشخصية والجمعية لتنسج عالمًا شعريًا لا يخشى مواجهة الأسئلة العميقة والمشاعر الثقيلة، يتكامل فيه الخير في ثورته ضد الشرّ الكامن على الأرض، ويُشاغل النص بنبض الشاعرية فائزًا بالرهان الصعب.