facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الرمزيّة والدلالات تفوق المخرجات


أ.د. صلاح العبّادي
12-11-2025 12:28 AM

كان المشهد لافتًا قبل توجّه وسفر الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، في لقطة غير مألوفة وهو يشارك في مباراة كرة سلّة إلى جانب قائد القيادة الوسطى الأميركية وقائد التحالف ضد تنظيم داعش الإرهابي.

الكرة التي تبادلها الطرفان كانت أشبه بإشارة رمزيّة إلى تنسيقٍ يتجاوز الرياضة.

فالرئيس الشرع كان هدفًا لهذه القيادة؛ واليوم الرسالة واضحة؛ وهي أن سوريا خصم الأمس تتهيأ اليوم لتكون شريكًا في معادلة جديدة تقودها واشنطن.

من ملعبٍ في دمشق إلى سجادة حمراء في البيت الأبيض. الشرع التقى الرئيس الأميريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في أول زيارة لرئيس سوري إلى واشنطن. لحظة تاريخيّة اختصرت تحولًا كاملًا في المشهد الإقليمي وتفتح الباب أمام أسئلة أكبر.

هل التقارب استراتيجي؟ أم مجرد تقارب مؤقت لخدمة مصالح وقتيه فرضتها اللحظة؟ وهل دوافعه أمنيّة أكثر منها سياسيّة؟.

الشرع سعى لتقديم صورة مختلفة عنه وأتقنها، ومع ذلك فالعلاقات الدوليّة والمواقف لا تبنى على الصورة وحدها، بل على التزامات وضمانات ووقائع على أرض الواقع. لذلك كانت الملفات المطروحة في هذه الزيارة ثقيلة ومعقدة، ملفات رفع العقوبات التي هي مرتبطة في الكونغرس أكثر منها في البيت الأبيض، الحرب على تنظيم داعش الارهابي ومصداقية دمشق للعبِ دورٍ فعّال في هذا النطاق، ثم الاتفاق الأمني مع إسرائيل الذي جرى التفاوض حوله في جلسات سابقة وشاقة، وسط شروطٍ إسرائيليّة معقدة تجعل من الصعب تسويقها داخليًا في داخل سوريا.

فما الذي يريده الأميركيون من دمشق؟ وما الذي يمكن أن تقدمه دمشق بالمقابل؟ وهل تقف المصافحة في الأمس على اعتابِ سلامٍ جديد في الجنوب السوري؟.

الرئيس الشرع كان في البيت الأبيض في مشهدٍ تجاوز حدود المفاجآت، وسنوات الجفاء والأبواب المغلقة بين البلدين.

سوريا الجديدة يبدو أنّها في ملامح جديدة فعلًا، تشارك في إعادة رسم خرائط النفوذ وتتخذ موقعها وفق مصالحها العليا، بعيدًا عن خيار التهميش والقطيعةِ الدوليّة.

الرئيس الأميريكي ترامب استقبل الشرع في البيت الأبيض، وتناولت المباحثات رفعٍ كاملٍ للعقوبات ضدّ سوريا، والحرب ضدّ الارهاب من خلال انضمام سوريا للتحالف الدولي ضدّ داعش، فضلًا عن مناقشة الاتفاق الأمني مع إسرائيل.

ليس المهم في هذهِ رؤية الرئيس ترامب؛ بل المشرعين في الولايات المتحدة الذين يحتمل أن يرفعون العقوبات المتخذة على سوريا منذ ما يقرب نصف قرنٍ من الزمن.

الرئيس الشرع هو أول رئيسٍ سوري دخل البيت الأبيض، وإن كان قد دخله من البوابة الجانبيّة، من جهة الجناح الغربي؛ حيث المكتب البيضاوي.

المحادثات ركّزت على سبل الشراكة، في وقت يدرك الرئيس ترامب بأنّ ما يريده الشرع هو رفع العقوبات. في وقت يريد الرئيس ترامب تعليق إضافي لعقوبات قانون قيصر لمدة ستة أشهر؛ وهو ما حدث بالفعل بعد إنتهاء هذهِ الزيارة، رغم أن الرئيس ترامب بإمكانه اتخاذ أوامر تنفيذية مدة سريانها أثناء مدة رئاسته فقط، لكنّه يريد غير ذلك.

الكونجرس هو الذي يملك فقط السلطة لرفع هذهِ العقوبات بشكلٍ دائم.

الشرع حرص على إجراء مباحثات مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي النائب براين ماست قبل قدومه للبيت الأبيض؛ لأن رئيس اللجنة يعتبر من المعارضين لرفع هذهِ العقوبات عن سوريا، بل من المشككين في هذهِ الحكومة السوريّة الجديدة.

الاجتماع كان مغلقاً عن الصحفيين، حتى يتمكن البيت الأبيض من اختيار ما يريد نشره للعلن مما دار داخل الاجتماع.

بكل التأكيد أنّ الرمزيّة والدلالات كانت تفوق المخرجات الآنية التي خرج بها الاجتماع في البيت الأبيض.

الشرع كان لديه لقاءات مع مسؤولين في البيت الأبيض بعد اجتماعه مع ترامب في المكتب البيضاوي.

المهمة الرئيسة أن وجود الشرع في البيت الأبيض واللقاء الثالث له مع الرئيس ترامب؛ حيث كان اللقاء الأول في الرياض في أيار الماضي ، كما كان اللقاء الثاني على هامش أعمال الجمعيّة العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي.

الرئيس الأميركي ترامب أراد إرسال عدّة رسائل منها؛ إذا كان هو نفسه يثق في الرئيس الشرع فإنّ على المشرعين أيضًا أن يثقوا بهذهِ الحكومة لا سيما وأن شركات أميركية كبرى تريد الاستثمار في سوريا، التي تحتاج إلى إعادة الإعمار؛ في وقت يقدّر البيت الدولي أن سوريا تحتاج إلى أكثر من مئتي مليار دولار، وهذه الشركات تواجه قيودًا وتعقيدات للعمل في سوريا بسبب هذهِ العقوبات الأميركية.

الرئيس ترامب كان بإمكانه تعليقها لفترة مؤقته؛ لكنّ الثقة التي يشعر بها الرئيس ترامب تجاه هذه الحكومة الجديدة، يريد أن يشعر بها باقي الشركاء الدوليين وايضًا المشرعون الأمريكيين بالدرجة الأولى لرفع عقوبات قيصر، وتطبيع العلاقات مع سوريا، والشراكة في مكافحة الارهاب وتنظيم داعش ومنه فلولها من استعادة قوامهم في الداخل السوري، وهي أولويات المشرعين، حتى تكون برهانٍ واختبارٍ وضعته الادارة الأميريكية لحكومة الشرع.

هذهِ الزيارة هي إستراتيجية؛ لكنّها غيرت موازين القوى في الشرق الأوسط، ومن شأنها أن تجعل من سوريا حليفًا استراتيجيًا للغرب والولايات المتحدة.

قناعة المشرع الأميركي يمكن أن تلتقي مع قناعة الرئيس الشرع.

الزيارة التاريخيّة للرئيس الشرع في لحظةٍ سياسيّةٍ فارقة قادت سوريا من العزلة إلى الشراكة، تسعى خلالها دمشق لفتح صفحةٍ جديدة مع واشنطن؛ عنوانها الأمن والإعمار والانفتاح.

في الكواليس نُسجت تفاهمات نحو الانضمام للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الارهابي ومفاوضات مع إسرائيل.

أمّا ما تبقى من العقوبات فرفعت مؤقتًا بضربة دبلوماسيّة بعدما سبقتها ضربة كرة سلة جمعت الشرع بكبار الجنرالات الأميريكية.

شروط تخفيض العقوبات كانت إعادة فرضها سريعًا إذا لم تحمِ الأقليات وتضبط الحدود بين لبنان وسوريا.

الأوضاع الأمنيّة تصدرت لقاء الرئيسين ترامب والشرع، وسط حديثٍ عن اتفاق أميريكي سوري تمهيدًا للاتفاق الأمني السوري الإسرائيلي.

من المستفيد الأكبر من هذهِ الاتفاقيات؟

وأين مصلحة دمشق؟

وما هي مصلحة واشنطن؟

وهل ما يتسرب عن هذهِ الاتفاقيات لمصلحة إنشاء قاعدة عسكرية أميريكية جنوبي دمشق إن صح هذا الحديث ؟

وهل ستعيد هذهِ الزيارة لسوريا موقعها على الخارطة الدوليّة كشريك تفاوضي؟.

فهل تكفي تمريرة ناجحة في الملعب لتجاوز ألغام الميدان السوري والانقسام الداخلي؟.


"الرأي"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :