الشاي .. المشروب الوطني غير المُعلن للأردنيين
25-11-2025 09:31 AM
عمون - من أ.د. محمد الفرجات -في الوقت الذي تصدّر فيه “هوس القهوة” منصّات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة، بقي الأردنيون أوفياء لمشروبهم الأول: الشاي. فقبل الفيسبوك وقبل موجة “قهوة الصباح” وصورها المنسّقة، كان الشاي – ولا يزال – جزءًا من الإيقاع اليومي للمجتمع الأردني، من بيوت القرى والبوادي إلى جلسات المدن والمكاتب.
الشاي ليس عادة… بل ثقافة
يرتبط الشاي في الأردن بالضيافة والدفء الاجتماعي. فهو أول ما يُقدَّم للضيف، ورفيق السهرات الشتوية، ومكوّن أساسي في جلسات العمل والراحة على حد سواء. ومع أن الحديث عن القهوة أصبح موضة متأخرة فرضتها مواقع التواصل، يبقى الشاي هو ما يعبّر فعلًا عن المزاج الأردني، وعن “الطابع الهادئ” للناس في يومياتهم.
فوائد صحية… ومنعة مجتمعية
لا يعرف الكثيرون أن الشاي – خصوصًا الأسود والأخضر – يحتوي على مضادات أكسدة قوية، وأنه يحسّن المناعة، ويرفع التركيز، ويهدّئ الأعصاب، ويساعد على الهضم. ولذلك يمكن القول إن الشاي كان عبر عقود “العلاج المناعي الشعبي” لدى الأردنيين؛ فمعظم الأسر تعتمد عليه عند الإرهاق، الزكام، أو حتى بعد وجبات ثقيلة.
كما تشير دراسات حديثة إلى أن الشاي يقلّل احتمالات التهابات الجهاز التنفسي ويحسن صحة القلب، وهو ما يجعل حضوره في الثقافة الغذائية الأردنية ذا قيمة صحية حقيقية.
لكن… “بخربوها” بالدخان والأرجيلة
رغم هذه الفوائد، يبقى التحدي الأكبر هو أن شرب الشاي غالبًا ما يقترن – للأسف – بالتدخين والأرجيلة، سواء في المنازل أو المقاهي. وهنا تتراجع كل فوائد الشاي أمام أضرار النيكوتين وأول أكسيد الكربون والمواد الضارة. فالتدخين مع الشاي لا يقلل فائدته فحسب، بل يحوّل الجلسة الصحية إلى سلوك ضار يضغط على القلب والرئتين ويرفع احتمالات الأمراض المزمنة.
الشاي… هوية تستحق أن تستمر
ربما حان الوقت لاستعادة مكانة الشاي كجزء من الهوية الأردنية، بعيدًا عن ضجيج “الكافيين الإنستغرامي”. فالشاي ليس دخانًا ولا أرجيلة، وليس تقليدًا مستوردًا، بل هو طقس محلي، ورفيق يومي، ومشروب صحي إذا استُهلك كما يجب.
إن إعادة الاعتبار للشاي بوصفه عادة صحية وثقافية، وتشجيع تناوله دون تدخين، يمكن أن يكون خطوة بسيطة… لكنها مؤثرة في تحسين صحة المجتمع وتعزيز “المنعة الأردنية” التي طالما كانت جزءًا من روح هذا الشعب.