في مدينة مثل العقبة، حيث تتقاطع حركة التجارة الدولية مع نبض السياحة والنقل المحلي، يصبح المرور ليس مجرد تنظيمٍ للشوارع، بل عنصرًا فاصلًا بين مدينة مزدحمة متعبة، ومدينة ذكية تجذب الزائر والمستثمر بثقة. ولهذا جاءت جهود إدارة السير/الأمن العام في العقبة شاملة، فنية، دقيقة، وذات أثر مباشر على جودة الحياة ومستوى الأمان والانسيابية.

السطور التالية تشرح عمق هذه الجهود وأبعادها الفنية وكيف انعكست على مكانة العقبة كمدينة آمنة مروريًا وبيئة مثالية للزوار والمستثمرين.

١. الوعي المروري: بناء ثقافة وليس مجرد تعليمات
لم تكتفِ إدارة السير بإعطاء محاضرات تقليدية؛ بل ركزت على نشر ثقافة الطريق لدى مختلف شرائح المجتمع، خصوصًا طلاب المدارس والجامعات، العمال، السائقين، الأهالي والمجتمع المحلي.
المحاضرات تناولت مفاهيم متقدمة مثل السلوك الحضاري على الطريق، خطورة السرعة وإرباك المسارات، السلامة أمام المدارس، المسؤولية الفردية، وتأثير الالتزام المروري على حياة الآخرين.

هذا الاستثمار في الوعي يوجد مجتمعًا لا يحتاج إلى رقابة مستمرّة بقدر حاجته إلى تفاهم مشترك حول قواعد الأمان.

٢. تحسين العلامات الأرضية والشواخص: الدقة تُنقذ الأرواح
على المستوى الفني، قامت إدارة السير بخطوات مهمة جدًا لإعادة ضبط البيئة المرورية، أبرزها:

* تحديث الشواخص المرورية
بوضع شواخص جديدة بمعايير دولية من حيث الارتفاع، وقوة الانعكاس الليلي، والرموز الموحدة عالميًا، ما يسهل على السائح الأجنبي القيادة دون ارتباك، وهو أمر بالغ الأهمية في مدينة سياحية.

* تجديد التخطيط الأرضي
يشمل خطوط المسارب، مناطق التوقف، أسهم الاتجاهات، التخطيط الخاص بالمشاة، وخطوط التهدئة.
هذه العلامات الأرضية ليست تجميلاً؛ بل لغة اتصال واضحة بين الطريق والسائق، ووضوحها يقلل الحوادث بنسبة كبيرة.

* تركيب العواكس الفسفورية
توضع على حواف الطرق والمنعطفات والمناطق ذات الإضاءة الضعيفة، ما يعزز سلامة القيادة الليلية، خصوصًا أن حركة المركبات في العقبة ترتفع ليلًا مع النشاط السياحي.

٣. برمجة الإشارات الضوئية: هندسة تدفق ذكية
أعادت إدارة السير برمجة الإشارات الضوئية وفق مبادئ هندسة المرور، اعتمادًا على قياس أوقات الذروة، تحديد كثافة الحركة من كل اتجاه، تقليل زمن الانتظار، وتحسين التزامن بين الإشارات المتتالية.
النتيجة: ازدحام أقل، سلاسة أكبر، تقليل الانبعاثات الناتجة عن التوقف، ورفع مستوى الراحة لجميع مستخدمي الطريق.

٤. ممرات مشاة آمنة: حماية الطفل قبل المركبة
استحداث ممرات مشاة جديدة أمام المدارس ودور العبادة والمناطق السكنية تضمن سلامة الأطفال والمسنين والمشاة عمومًا.
وتشمل هذه الممرات إشارات تحذيرية مبكرة، تخطيطًا أرضيًا فسفوريًا، مطبات تهدئة، ومواقع خاصة لذوي الإعاقة.
هذه الإجراءات تعكس احترامًا واضحًا لحياة الإنسان وتعزّز الطابع الحضاري للمدينة.

٥. الانتشار الميداني لنشامى السير: مراقبة الحركة في لحظتها
الانتشار الفعّال لعناصر السير يعتمد على تحديد النقاط الساخنة عالية الحوادث، التواجد أمام الجامعات والمدارس، مراقبة التقاطعات الحساسة، وتنظيم حركة النقل العام.

هذا الوجود الذكي يوجد بيئة مرورية أكثر أمانًا، ويمنع الاختناقات قبل حدوثها، ويزيد من ثقة السائقين والزوار.

الأثر السياحي والاستثماري لهذه الجهود:
السائح يبحث عن وضوح الطريق، وممرات مشاة آمنة، وإشارات متزامنة، وانسيابية في الحركة. كل ذلك يمنحه شعورًا بالراحة ويشجعه على تكرار الزيارة.

أما المستثمر، فينظر إلى انتظام حركة المرور كعامل يعكس مستوى الأمان والإدارة والاستقرار وكفاءة المؤسسات، مما يقلل تكاليف النقل والعمليات اللوجستية.

كما أن تحسين البيئة المرورية يرفع تصنيف العقبة بين المدن السياحية العالمية، ويعزز صورتها كمدينة عصرية، منظمة، وآمنة.

العقبة اليوم ليست فقط مدينة بحرية جميلة؛ بل مدينة تُبنى بعقلانية وبخطوات هندسية محسوبة.

إدارة السير/الأمن العام تعمل بمنهجية تجمع بين التقنية، جودة التنظيم، الوعي المجتمعي، والاستجابة الفورية.

إن ما يحدث في شوارع العقبة هو استثمار طويل المدى في سمعتها وقدرتها على استقبال العالم بثقة وراحة.
العقبة تنمو بثبات، وتثبت كل يوم أنها ليست وجهة سياحية فحسب، بل مدينة ذكية تحترم أهلها وزوارها ومستقبلها.