نتنياهو هو التعبير الاصدق عن توجهات المجتمع الإسرائيلي
علي السنيد
14-08-2025 11:05 AM
لا شك ان نتنياهو كان بتصريحاته الاخيرة يوافق عقيدة شعبه حول ارض الميعاد، وإقامة الدولة اليهودية الممتدة عبر عدة دول عربية ومنها الأردن.
وكان عمليا يمثل التوجهات السياسية، والدينية للمجتمع الاسرائيلي الأكثر تطرفا وغلوا ووحشية ، وهو التعبير الاصدق عن الطموحات، والتطلعات اليهودية التاريخية.
والمجتمع الإسرائيلي المتعطش للدم لم يكن ليكتفي بتجريد الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة في وطنهم ، والاستيلاء على ارضهم بالقوة، وإلغاء هويتهم الوطنية، وتعريضهم للإبادة الجماعية، وقتلهم بلا هوادة، ، ورفض خيار حل الدولتين على الاطلاق، وانما كان ينظر الى تحقيق حلمه التاريخي في إقامة دولة إسرائيل الكبرى .
وكان نتنياهو يعد المجتمع الإسرائيلي لهذه المرحلة، وسيبقى يبني قدرات عسكرية، وتحالفات قادرة على تغير موازين القوى في الشرق الأوسط.
ونتنياهو سعى وخطط ونفذ لبناء دولة يهودية قوية تملك سلاح الجو الأقوى في المنطقة وليكون قادرا على التوسع حسب الرؤية التوراتية في المستقبل.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب يعد العدة لهذا المشروع، وعمد الى ملاحقة كل قوى المقاومة التي هددت الامن القومي الإسرائيلي في ظل واقع عربي مؤسف ساعد على ذلك.
ونتنياهو يؤمن بشعبه وبتوجهاته السياسية وبعقيدة اليهود، وهو الخادم الأمين، والممثل الاصدق لاحلام وتطلعات الصهاينة الاستعمارية ، وهو والقادة الإسرائيليون من قبله بنوا الاجيال اليهودية على كره العرب، وعلى عدم الإيمان بادميتهم ، وحقهم المشروع في الحياة.
ولم يكن نتنياهو يخفي نواياه الخبيثة إزاء الاردن، وكان وهو والصهاينة الذين تولوا المسؤولية يعدون الاجيال اليهودية للمواجهة القادمة، ولمعركة الوجود مع العرب، وليس للاستيلاء على فلسطين فحسب .
وهو امتداد طبيعي لسلسلة من القادة الإسرائيليين الاشرار الذين سعوا الى تكبيل دول الطوق بالمعاهدات، واخراجها من توازن المنطقة، ولغاية الانفراد بالفلسطينيين أصحاب الأرض المقدسة وحدهم في المرحلة الأولى من الصراع.
الا ان الفلسطينيين كانوا على قدر المحنة التاريخية التي حاقت بهم وبأجيالهم ظلما وبهتانا ودخلوا في مواجهة أسطورية مع الصهاينة المدعومين من كل دول العالم الغربي ، ولم يفت ذلك في عضدهم، او يقلل من ايمانهم بعدالة فضيتهم وضرورة الاستمرار في مقاومتهم الوطنية الباسلة والممتدة منذ نحو قرن الى اليوم .
ورغم حجم الرعاية والاحتضان الغربي الذي تحظى به دولة الاحتلال الصهيوني ، ومنحها التفويض السياسي المفتوح والغطاء في المنظمات الدولية، وهو ما تجلى أخيرا في الهجمة الصهيونية الشعواء على غزة والتي طالت البشر والشجر والحجر ولم تبق موبقات في عرف البشرية الا واقترفتها بحق الأبرياء والمدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ الا ان المجاهدين الفلسطينيين ضربوا أروع الأمثلة واصدقها في مقاومتهم الباسلة
وكان اهل غزة يتصدون للعدوان الصهيوني الأشد همجية في التاريخ المعاصر في ظل نظامهم العربي المشلول ، وباجسادهم العارية، وسيل دمائهم الطاهرة. وظلوا يقارعون العدوان الاثم، ويواجهونه في منازلة تاريخية لم تتوقف، ولم تسقط الراية من أيديهم رغم فداحة العدوان وحجم التضحيات الجسام .
وقد تواصلت فصول المأساة الفلسطينية ، والتي الهمت الشعور العالمي، وحققت المقاومة الفلسطينية موقع الصدارة في التضحية والفداء كأسمى وارفع حركات المقاومة الوطنية في العالم الحر.
وحسب غزة اليوم انها تضم خيرة البشرية على الاطلاق من المؤمنين، والصابرين، والابرار ، ومن المجاهدين والشهداء، والشباب الأقرب الى الله تعالى، والاكثر طهرا وصفاء على مستوى الأرض.
والشعب الفلسطيني البطل الذي تفانى، وفني في الدفاع عن ارضه ومقدساته هو الأكثر رفعة وشرفا في المعمورة ، وهو أسطورة في العمل الوطني، و ما برح يقارع العدوان الصهيوني الاثم.
وكان في تواصل عمليات المقاومة الفلسطينية واستمرارها مصلحة عربية لمنع توسع إطار الشر الإسرائيلي ليشمل الإقليم باسره، وهي خط الدفاع الأول في المنطقة العربية، والفلسطينيون في مقاومتهم يستنزفون الوجود الإسرائيلي الذي يشكل خطرا داهما على كل المنطقة العربية الا انهم تركوا وحدهم في المواجهة المصيرية امام مرأى العالم العربي والاسلامي .
واسرائيل عمليا لم تكن تريد السلام يوما ، ولكنها كانت بحاجة للوقت ولمهلة لكي تقتل في المجتمعات العربية روح المقاومة، وتبث فيها سموم الهزيمة، وتحرك التناقضات في النسيج الاجتماعي للدول العربية، ولكي تضعف من قدرة العرب على مواجهتها وصولا الى تحقيق أهدافها الرئيسية المتمثلة في إقامة دولة إسرائيل الكبرى الممتدة من النيل الى الفرات، وتعتبرها مهمة ربانية كما يتبدى اليوم.
وكانت الدولة الصهيونية معنية بان يلحق الخراب بدولنا، وبجر الويلات على الشرق الأوسط، واشغلتنا عن معركة التنمية، ودست من خلال المنظمات الدولية مطالبها الخاصة بتدمير ثقافة وحصانة المجتمعات العربية والإسلامية، وصولا الى افقاد العرب القدرة على تقرير المصير.
والقضية الفلسطينية عموما هي التي حافظت على قيم ووعي الاجيال العربية المتلاحقة لعقود.
واليوم وعلى تناقضات الواقع العربي المؤلم يدشن نتنياهو العصر الذهبي للصهيونية ، ويبلغ بها ذروة مرحلة الاستكبار اليهودي ، ويعربد في الاقليم وحده بلا رادع.