facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مذكرات أخطر جاسوسة انجليزية (من 1907 – 1926) .. 15


د. أحمد عويدي العبادي
06-10-2025 09:59 AM

* ماذا كتبت عن الأردن وعشائره واهميتهما

6 = الرسالة 6 (1899) – العودة شمالًا وتوازن القوى بين القبائل والقرى

"غادرنا العقبة شمالًا، وكان الطريق هذه المرة أكثر صعوبة. الحرارة شديدة، والهواء جاف، والجبال تحيط بنا من كل جانب كأنها جدران صخرية. مررنا عبر وديان ضيقة، بعضها يفضي إلى سهول واسعة، وفيها بقايا طرق قديمة مرصوفة بالحجارة، قال لي دليلي إنها تعود إلى عهد الرومان."

"التقينا في الطريق برجال من الحويطات كانوا يرافقون قافلة جمال محملة بالتمر والأسماك المجففة متجهة إلى الكرك. أحدهم قال لي: (نحن نأخذ من البحر ما نحتاج، ونصعد به إلى أهل الجبل). بدت في عبارته صورة التبادل بين الصحراء والقرى: البحر يعطي رزقه، والجبال تعطي قمحها وزيتها."

"مررنا لاحقًا ببعض القرى الصغيرة في أطراف الشوبك. بيوتها متواضعة، محاطة بأشجار الزيتون والتين. أهلها يعيشون في تماس مباشر مع البدو: يشترون منهم الصوف والإبل، ويبيعون لهم الحبوب والزيت. أخبرني شيخ القرية: (لا يمكننا العيش دون البدو، ولا يمكنهم العيش دوننا). هذه الجملة لخصت ببساطة طبيعة العلاقة المتبادلة، التي لا تخلو من التوتر لكنها تقوم على الحاجة المشتركة."

"كتبت في دفتري: (في هذه الأرض، لا يعيش القروي دون البدوي، ولا البدوي دون القروي. التبادل بينهم هو سر البقاء في بيئة قاسية. وإذا انقطع أحدهما عن الآخر، خسر الاثنان معًا)."

"مع اقترابنا من الكرك ثانيةً، كنت أشعر أنني عبرت لوحة كاملة: من البلقاء الخصبة، إلى وادي الموجب الصعب، إلى الكرك الحصينة، إلى معان الصحراوية، ثم العقبة البحرية، والآن العودة شمالًا. بدا الأردن أمامي كفسيفساء من قرى وطرق وقبائل، كل جزء فيها يكمل الآخر."

الرسالة 7 (1905) – وادي الموجب والبلقاء في الطريق إلى الصحراء السورية

"خرجت من القدس متوجهة شرقًا، وكان عليّ أن أعبر جبال مؤاب نحو وادي الموجب. الطريق شديد الانحدار، ينحدر من القمم الصخرية حتى الوادي السحيق. بدا المجرى جافًا في أغلبه، لكن آثاره تدل على قوة السيول التي تجتاحه في الشتاء. تذكرت أن هذا الوادي عُرف قديمًا باسم أرنون، كما ورد في الكتابات الإغريقية والعبرية، وهو بحق وصف دقيق لمعنى 'السيل الجارف'."

"كان عبور الوادي متعبًا، فالمنحدرات وعرة، والحمير تكاد تتعثر في الصخور. لكن ما إن صعدنا الضفة الأخرى حتى انفتحت أمامنا سهول واسعة تمتد حتى البلقاء. الأرض هنا خصبة نسبيًا، مغطاة بالقمح والشعير. كانت الحقول خضراء في هذا الفصل، والقرى متناثرة فوق التلال."

"في طريقنا مررنا بقبائل بني صخر. كانوا قد نصبوا خيامهم السوداء على التلال المطلة على السهول. استقبلني بعضهم بكرم ظاهر، ودار بيننا حديث طويل. قال لي أحد الشيوخ: (نحن نعيش بين الصحراء والزراعة، نحمي الفلاحين، ونأخذ منهم ما نستحق). كانت كلماته تكشف عن طبيعة العلاقة الحساسة بين القبيلة والفلاح، مزيج من الحماية والجباية."

"وفي البلقاء، شاهدت أسواقًا صغيرة حيث يجتمع القرويون والبدو معًا. كان القروي يعرض الحبوب والزيتون، بينما يجلب البدوي الصوف والإبل. بدا المشهد كأنه تبادل ضروري، رغم ما بين الطرفين من اختلاف في نمط الحياة."

"كتبت في دفتري: (البلقاء قلب نابض بين عالمين: عالم القبيلة الرحّل، وعالم القرية المستقرة. هنا يلتقي الطرفان ويتصارعان ويتعاونان في آن واحد)."

8 = الرسالة 8 (1905) – الكرك والعشائر في الطريق إلى الصحراء السورية

"وصلت إلى الكرك ثانية، لكن هذه المرة بدا المشهد مختلفًا عما رأيته في رحلتي الأولى. المدينة أكثر حركة، والأسواق تعج بالتجار، وقد لفتني أن البدو صاروا أكثر حضورًا فيها. رأيت رجالًا من بني صخر والمجالي يتبادلون السلع مع أهل الكرك: الحبوب مقابل الإبل، الزيت مقابل الصوف. بدا لي أن الكرك تؤدي دور الوسيط بين عالم البادية وعالم الحضر."

"قلعة الكرك ما تزال تثير في نفسي الدهشة. جدرانها الضخمة وقاعاتها الحجرية تتحدث عن صراعات طويلة. أحد الشيوخ من أهل المدينة قال لي: (هذه القلعة صمدت أمام جيوش كثيرة، ولم تنكسر إلا بالحصار والجوع). كانت كلماته تذكيرًا بأن الكرك ليست مجرد مدينة، بل رمز لصناعة الرجولة

8 = الرسالة 8 (1905) – الكرك والعشائر في الطريق إلى الصحراء السورية (تتمة)

"الكرك ليست مجرد مدينة عامرة بالأسواق، بل هي أيضًا حصن يجمع حوله الولاءات والتحالفات. رأيت أن القبائل القريبة منها – كـ بني صخر والعدوان – يترددون إليها طلبًا للتجارة أو لحل نزاعاتهم مع الحاكم المحلي. بدا واضحًا أن المدينة تؤدي وظيفة مزدوجة: فهي مركز إداري عثماني من جهة، ومكان لتقاطع مصالح القبائل من جهة أخرى."

"أحد الشيوخ أخبرني عن صعوبة العيش في هذه الأرض الجبلية: (الأرض ضيقة لا تسع القبائل، لذلك يضطر بعضنا إلى النزول نحو البادية). هذا الحديث كشف لي عن طبيعة الصراع على الموارد: فالأرض الزراعية محدودة، والقبائل المتزايدة تبحث دائمًا عن مراعٍ ومصادر رزق جديدة."

"في الكرك التقيت أيضًا برجال من الحويطات، كانوا عائدين من تجارة في العقبة. تحدثوا عن رحلتهم عبر الصحراء، وكيف يسيطرون على الطرق ويؤمّنون القوافل. بدا لي أن دورهم يزداد أهمية كلما ابتعد المرء جنوبًا، فهم سادة الصحراء الممتدة بين معان والبحر الأحمر."

"كتبت في دفتري: (الكرك مركز توازن هش بين العثمانيين الذين يطالبون بالضرائب، والقبائل التي تسعى إلى النفوذ، والفلاحين الذين يعملون بجد في الحقول. إنها صورة مصغرة عن الأردن كله: صراع وتعاون في آن واحد)."

9 = الرسالة 9 (1905) – معان والطرق التجارية نحو الصحراء

"بعد أيام من السير عبر هضاب قاحلة، وصلنا إلى معان. وجدتها هذه المرة أكثر نشاطًا مما كانت عليه في رحلتي الأولى. السوق قائم في وسط البلدة، والتجار يعرضون بضائعهم القادمة من الشام ومصر والحجاز. رأيت قوافل جمال محملة بالقمح والزيت والتمر، يقودها رجال من مختلف القبائل."

"أهل معان يتحدثون بفخر عن موقعهم: (نحن عقدة الطرق)، قال لي أحدهم. وهو وصف دقيق، فمعان تقع على ملتقى المسارات التي تصل الشام بالحجاز، والبادية بالجبال. لا عجب إذن أن تكون مقصدًا دائمًا للقوافل والحجاج."

"في أطراف البلدة قابلت رجالًا من الحويطات. كانوا يجلسون بجوار خيامهم، يتفاوضون مع التجار حول أجور الحماية للقوافل. قال لي أحدهم: (من يريد أن يعبر هذه الأرض، لا بد أن يعقد معنا عهدًا). كلمات قليلة لكنها كاشفة عن طبيعة السلطة التي تفرضها القبيلة على الطرق."

"شاهدت أيضًا رجالًا من بني عطية، يبيعون الإبل والسمن. كانوا أكثر هدوءًا من الحويطات، لكنهم يشتركون معهم في الاعتماد على الطريق كمصدر رزق. بدا واضحًا أن القبائل تتقاسم الأدوار، كل منها يسيطر على جزء من المسار."

"كتبت في دفتري: (معان ليست بلدة عادية، بل هي قلب نابض للتجارة والحج. ومن يسيطر على الطرق المؤدية إليها، يسيطر على شريان حياة يمتد من الشام إلى مكة)."

10 = الرسالة 10 (1905) – نحو البادية السورية وحياة البدو

"غادرنا معان متجهين شرقًا، حيث تبدأ البادية السورية بامتدادها الواسع. لم تعد هناك قرى ولا أسواق، بل أفق مفتوح لا نهاية له، تزينه التلال الرملية والصخور الداكنة. كان السير في هذا الفراغ يبعث شعورًا بالمهابة، إذ تبدو الصحراء كأنها عالم مستقل له قوانينه الخاصة."

"رأيت خيامًا مبعثرة لقبائل البدو، سوداء منسوجة من شعر الماعز. كان الرجال يجلسون أمامها، يحملون بنادق طويلة وسيوفًا معلقة على خصورهم، بينما النساء منشغلات بحلب النوق وصناعة اللبن. الأطفال يركضون بين الجمال بخفة لا تعرف التعب."

"جلست مع أحد شيوخ بني صخر الذين كانوا قد ارتحلوا شرقًا. حدثني عن حياتهم في الصحراء: (نحن نعيش حيثما يوجد المطر والكلأ. إذا جف مكان، تركناه وانتقلنا إلى غيره). كان كلامه يعكس فلسفة البدو في التكيف مع الصحراء: الرحيل المستمر هو ضمان البقاء."

"سألته عن علاقتهم بالعثمانيين، فأجاب بابتسامة ساخرة: (هم في مدنهم، ونحن في صحرائنا. لا يصلون إلينا إلا إذا احتاجوا). هذه العبارة تلخص المسافة الفاصلة بين الدولة المركزية والقبائل الرحل، مسافة مادية ومعنوية في آن واحد."

"كتبت في دفتري: (في هذه البادية، البدو هم السادة، والقانون هو ما تمليه القبيلة. ومن دونهم، لا يجرؤ أحد على اجتياز هذا الامتداد الهائل)."

11 = الرسالة 11 (1905) – لقاء الدروز والقبائل في تخوم حوران

"بعد أن سرنا أيّامًا في البادية، انعطفنا شمالًا نحو أطراف حوران. هناك بدأت الأرض تستعيد بعض الخضرة، وظهرت قرى متناثرة بين الحقول. في هذه التخوم التقيت برجال من الدروز، يلبسون العباءات السوداء ويبدون اعتزازًا كبيرًا بخصوصيتهم. كانوا يتحدثون عن قراهم في جبل الدروز، وعن حروبهم الطويلة مع العثمانيين للحفاظ على استقلالهم."

"جلسنا في مضيف شيخ درزي، حيث قُدّمت لنا القهوة المرة. قال الشيخ: (نحن لسنا بدوًا كالحويطات ولا فلاحين كالقرى، نحن أهل الجبل، نحمي أرضنا وسلالتنا). كان كلامه يبين إدراكهم لهويتهم المتميزة بين القبيلة والقرية."

"في الطريق مررنا أيضًا برجال من بني خالد، يتنقلون مع جمالهم في تخوم الصحراء. ذكروا أنهم يبيعون الحبوب أحيانًا، ويعتمدون على علاقتهم مع القرى والدروز. بدا واضحًا أن هذه المنطقة تمثل فسيفساء من الجماعات، لكل منها نفوذ يختلف باختلاف موقعه."

"كتبت في دفتري: (عند حوران يلتقي ثلاثة عوالم: البدو في البادية، الفلاحون في القرى، الدروز في الجبال. وكل منهم يحاول أن يحافظ على وجوده أمام العثماني الذي يسعى إلى بسط سلطته على الجميع)."

12 = الرسالة 12 (1905) – في قلب البادية الكبرى والقوافل العابرة

"تابعنا مسيرنا شرقًا، حيث انفتح أمامنا فضاء البادية الكبرى بلا حدود. السماء صافية كأنها مرآة زرقاء، والأرض ممتدة إلى الأفق دون أثر لقرية أو شجرة. لم نصادف سوى قوافل قليلة تسير متباعدة، كل قافلة تحمل معها زادها وماءها وكأنها جزيرة صغيرة وسط هذا البحر الرملي."

"إحدى القوافل كانت مكونة من عشرات الجمال المحملة بالبضائع، يقودها رجال من العقيلات. تحدثت مع شيخ القافلة فقال: (نحن نسافر من نجد إلى الشام، نحمل الخيول والإبل، ونعود بالقمح والملابس والسكر). كانت القافلة تسير ببطء محسوب، يدرك قادتها أن أي خطأ في الطريق قد يعني الهلاك."

"رأيت أيضًا قافلة للحجاج، رجال ونساء يركبون الجمال ويترنمون بالأدعية. كانوا يتوقفون عند كل بئر ماء صغيرة أو حفرة تجمع المطر. قال أحدهم: (في هذه الأرض، كل قطرة ماء هي حياة). كانت كلماته تذكيرًا بأن الصحراء تفرض قوانينها الصارمة على الجميع."

"جلسنا في أحد المضارب مع رجال من السرحان، الذين يعيشون بين الأردن وسوريا. أخبروني أن دورهم الرئيس هو مرافقة القوافل عبر الحدود، وأنهم يعرفون كل بئر ووادٍ في هذه الأرض. قال شيخهم: (من لا يعرف الأرض، لا يعيش فيها). عبارة تلخص خبرة أجيال متعاقبة."

"كتبت في دفتري: (في قلب البادية، ليست الدولة ولا الجيش من يحكم، بل القافلة والقبيلة. هنا يُقاس النفوذ بمدى المعرفة بالآبار والمسالك، وبعدد الفرسان الذين يحمون الركب)."

انتهت (ح15) وتليها (ح16) بعون الله تعالى وهي مواصلة نشر رسائل اخطر جاسوسة انجليزية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :