facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مذكرات أخطر جاسوسة انجليزية (من 1907 – 1926) .. ح16


د. أحمد عويدي العبادي
07-10-2025 01:13 PM

* ماذا كتبت عن الأردن وعشائره واهميتهما ؟

13 = الرسالة 13 (1905) – تخوم الجوف وحياة القبائل

"بعد مسيرة طويلة عبر البادية، وصلنا إلى تخوم الجوف، وهي واحة كبيرة تحيط بها الرمال من كل جانب. بدا المشهد مختلفًا فجأة: بساتين النخيل، وعيون ماء جارية، وقرى صغيرة تلتف حولها. بدا وكأننا خرجنا من قسوة الصحراء إلى جنة صغيرة أعدتها الطبيعة."
"التقينا برجال من الرولة، كانوا يجلسون في سوق الجوف يبيعون الإبل ويشترون التمر. قال لي أحدهم: (نحن نأتي من الشمال، من بادية حوران، ونعود بما نحتاج من قوت). كان واضحًا أن الجوف تمثل لهم محطة حيوية للتزود."

"شاهدت أيضًا رجالًا من شمر، وقد بدا نفوذهم قويًا في المنطقة. أحدهم قال لي: (الجوف لنا منذ أزمان، ونحن نحميها من كل غريب). كانت هذه العبارة إعلانًا عن مكانتهم، فهم القوة الأكبر في شمال الجزيرة."

"النساء في الجوف يختلفن عن نساء البادية. يرتدين ثيابًا ملونة، ويجلسن في الأسواق يبعن الخضار والتمر. كان المشهد يوحي بمزيج من الحياة البدوية والزراعية، حيث يلتقي الرحل بالمستقرين."

"كتبت في دفتري: (الجوف ليست مجرد واحة، بل عقدة طرق بين الشام والجزيرة. من يسيطر عليها يملك مفتاح الصحراء الشمالية)."

14 = الرسالة 14 (1905) – من الجوف إلى شمال الجزيرة ومضارب شمر

"غادرنا الجوف مع قافلة صغيرة، متجهين شمال شرق. الطريق يمتد عبر أراضٍ شبه قاحلة تتخللها تلال من الحجر البازلتي. كان المشهد يوحي بصرامة الطبيعة، لكن بين الحين والآخر كنا نرى قطعانًا من الإبل والغنم يرعاها رجال من شمر."

"نزلنا ضيوفًا في مضارب أحد شيوخهم. استُقبلنا بالقهوة والتمر، وجلسنا في خيمة واسعة يزين أعمدتها السيوف والبنادق. تحدّث الشيخ بفخر عن قبيلته قائلاً: (نحن أهل الشمال، لا نُغلب في معركة، ولا نترك جارًا بلا حماية). كانت كلماته تحمل ثقة القبيلة التي اعتادت أن تكون قوة مهيمنة في هذه البلاد."

"رأيت بين الخيام نساءً منشغلات بنسج بُسط من صوف الغنم، فيما الأطفال يركضون حفاة خلف الجِمال. كان كل شيء يوحي بأن الحياة هنا تسير وفق نظام بدوي راسخ لا يتغير."

"أخبرني أحد رجالهم عن علاقتهم بالعثمانيين: (هم يرسلون إلينا الجنود أحيانًا، لكنهم لا يمكثون. نحن نعرف الأرض أكثر منهم). كانت هذه العبارة انعكاسًا لطبيعة العلاقة بين القبائل والدولة المركزية، علاقة قائمة على مسافة من التوتر والاعتراف المتبادل."

"كتبت في دفتري: (في مضارب شمر، يشعر المرء أنه في قلب عالم بدوي كامل، قائم بذاته، له قوانينه وأعرافه، لا يعرف الخضوع إلا لشيوخه وسيوف فرسانه)."

15 = الرسالة 15 (1905) – على طريق البادية نحو تدمر والقوافل العابر

"بعد أيام في مضارب شمر، سرنا غربًا نحو طريق يقود إلى تدمر. كان الطريق طويلًا وممتدًا عبر سهوب متباعدة، لا يقطعه إلا بعض الآبار القليلة التي يعرفها البدو جيدًا. كل بئر هنا بمثابة واحة صغيرة تحفظ للحياة معناها."

"التقينا بقافلة كبيرة من التجار متجهة إلى الشام. جمالهم محمّلة بالأقمشة والتوابل والتمر. كان يقودهم رجال من العقيلات الذين اعتادوا اجتياز هذه الطرق منذ قرون. حدثني أحدهم قائلاً: (نحن نعرف كل مسلك بين نجد والشام، فالتجارة حياتنا). كانت وجوههم مسمرَّة من شمس الصحراء، لكن في عيونهم بريق الثقة والخبرة."

"مررنا أيضًا بقافلة للحجاج عائدة من مكة. كانوا مرهقين لكنهم مفعمون بالرضا. توقفوا عند بئر ماء صغيرة، وكنت أسمع دعواتهم وأهازيجهم تملأ المكان. بدا الطريق وكأنه يجمع بين القداسة والرزق، بين الدين والتجارة."

"جلسنا ليلة مع رجال من السرحان، وهم قبيلة تعيش على حدود الشام والجزيرة. قال شيخهم: (نحن نرافق القوافل ونؤمّن لها الممرات، فبدوننا لا أحد يعرف الطريق). بدت كلماته كتأكيد لدورهم الحيوي في جعل الصحراء قابلة للعبور."

"كتبت في دفتري: (طريق البادية نحو تدمر ليس مجرد مسار، بل هو شريان حياة قديم، عليه تقوم التجارة والحج، وبه يُقاس نفوذ القبائل)."

16 = الرسالة 16 (1905) – أطلال تدمر وانبهار الحضارة القديمة

"دخلنا تدمر مع أول خيوط الصباح، فإذا بالأنقاض المهيبة تمتد أمام أعيننا على مد البصر. أعمدة شاهقة مصطفة كأنها جنود من الحجر تحرس المدينة التي كانت يومًا ما عاصمة للصحراء. لم أرَ في حياتي مشهدًا يضاهي هذا في عظمته: الأعمدة الكورنثية، الشوارع المرصوفة، قوس النصر، ومعبد بعل العظيم."

"وقفت طويلًا أتأمل معبد بعل. جدرانه العالية وزخارفه الدقيقة تروي قصة مدينة بلغت ذروة الغنى والقوة. شعرت أن المكان ما يزال حيًا رغم خراب القرون، كأن صدى المواكب والصلوات القديمة يتردد بين الأعمدة."

"تجولت في الشارع المستقيم الذي تحيط به الأعمدة من الجانبين. كان طوله يقارب الكيلومتر، وفيه آثار المحلات التجارية التي كانت تعج بالسلع القادمة من الشرق والغرب. فكرت: (كيف استطاعت تدمر أن تجمع بين روما وفارس والهند في نقطة واحدة؟). كانت المدينة بحق عقدة طرق العالم القديم."

"التقيت بعض البدو الذين يسكنون قرب الأطلال. قال أحدهم: (نحن نعيش هنا منذ أجيال، لكننا لا نفهم سر هذه الحجارة). بدت كلماته تعبيرًا صادقًا عن الفجوة بين حاضر بسيط وماضٍ متفجر بالعظمة."

"كتبت في دفتري: (تدمر تذكير صارخ بأن الحضارة يمكن أن تزدهر وسط الصحراء، وأن التجارة والمعرفة قادرتان على تحويل القفر إلى مدينة لا يطويها النسيان)."

17 = الرسالة 17 (1905) – من تدمر إلى الفرات ولقاء قبائل الفضل والعنزة

"غادرنا تدمر بعد أيام من التأمل بين أنقاضها، واتجهنا شمالًا نحو الفرات. الطريق ممتد في سهول واسعة قليلة المعالم، تزينها نباتات متفرقة من الحلفاء والأعشاب الصحراوية. في هذه الأرض يختفي العمران تمامًا، فلا يقطع الرحلة إلا مضارب متباعدة لقبائل متنقلة."

"في منتصف الطريق التقينا برجال من قبيلة الفضل. كانوا يجلسون قرب بئر ماء ضحلة، جمالهم ترعى في القريب، وخيامهم منصوبة على مرتفع رملي. استقبلونا بالترحاب، وقدّموا لنا اللبن الطازج. قال شيخهم: (نحن حماة هذا الطريق، لا يمر أحد دون رضا الفضل). كانت كلماته إعلانًا صريحًا عن سلطة القبيلة التي تقوم على الموقع والماء."

"بعد أيام، انضم إلينا فرسان من العنزة، وكانوا متجهين نحو الفرات أيضًا. بدوا أكثر تنظيمًا من غيرهم، وامتازوا بكثرة خيلهم. قال أحدهم: (أرضنا واسعة من الشام حتى الجزيرة، ولا يحدّنا أحد). بدت الثقة في حديثه انعكاسًا لاتساع نفوذ هذه القبيلة الكبيرة."

"على مقربة من الفرات، بدأت الأرض تزداد خضرة، ورأينا بساتين نخيل صغيرة ومزارع حبوب. كان منظر الماء الجاري بعد طول العطش في الصحراء باعثًا على الطمأنينة. توقفت طويلًا على ضفاف النهر، أتأمل كيف يشكّل الفرات خطًا فاصلًا بين عالم الصحراء وعالم الزراعة."

"كتبت في دفتري: (من تدمر إلى الفرات، يكشف الطريق عن قانون البادية: من يملك الماء والخيالة، يملك النفوذ. أما النهر العظيم، فيبقى هو السيد الأكبر الذي يمنح الحياة للمدن والقرى)."

18 = الرسالة 18 (1905) – مدن الفرات ودير الزور

"دخلنا مدينة دير الزور بعد رحلة شاقة عبر البادية. بدا المشهد مختلفًا تمامًا عن حياة الخيام والقبائل: هنا بيوت مبنية بالطين والحجر، وشوارع ضيقة يعج بها الناس، وسوق واسع تباع فيه السلع القادمة من كل مكان. رأيت التمر القادم من البصرة، والقمح من الجزيرة، والأقمشة من حلب ودمشق."

"كان النهر هو روح المدينة. الفرات يتدفق عريضًا هادئًا، والقوارب الصغيرة تنقل الناس والبضائع من ضفة إلى أخرى. جلست طويلًا أتأمل المياه الجارية، وأفكر كيف أن هذا النهر العظيم كان دائمًا شريانًا للحياة، لا يقل أهمية عن الطرق الصحراوية التي عبرتها."

"التقيت بعض التجار في السوق. قال أحدهم: (دير الزور تعيش بين عالمين: عالم القبائل في الصحراء، وعالم المدن على ضفاف الفرات). كان وصفه صادقًا، فالمدينة تبدو حقًا نقطة التقاء، حيث يتبادل الجميع السلع والخبرات."

"في أطراف المدينة شاهدت مضارب لقبائل العقيدات، الذين يعيشون على جانبي الفرات. أخبرني أحد شيوخهم: (نحن نحمي النهر، ونزرع ضفافه، ونستقبل القوافل). بدت كلمات الشيخ كإعلان عن ازدواجية دورهم: بدو وزُرّاع في آن واحد."

"كتبت في دفتري: (في دير الزور تنكشف بجلاء حقيقة الشرق: التقاء الماء بالصحراء، القبيلة بالمدينة، والبادية بالزراعة. وكل ذلك يتمحور حول الفرات، سيد هذه البلاد)."

19= الرسالة 19 (1905) – من الفرات إلى الموصل وعالم المدن الكبرى

"غادرنا ضفاف الفرات بعد أيام في دير الزور، وسرنا شمالًا وشرقًا حتى وصلنا إلى الموصل. كان الدخول إليها انتقالًا حادًا من أجواء البادية إلى مدينة كبرى عامرة بالحياة. شوارعها أوسع، وأسواقها مزدحمة بالتجار من كل صوب، واللغة العربية تمتزج فيها بالتركية والكردية، مما يعطيها طابعًا متعدد الثقافات."

"البيوت مبنية من الحجر الكلسي، بعضها يتكون من طابقين مع نوافذ مشبكة وزخارف أنيقة. عبرت الأزقة حتى وصلت إلى الجامع الكبير، حيث اجتمع المصلون عند صلاة الجمعة. كان المشهد يوحي بأن الموصل ليست فقط مركزًا للتجارة، بل أيضًا مركزًا دينيًا وثقافيًا."

"في السوق، تحدثت مع تجار السجاد الذين يجلبونه من كردستان وإيران، ومع تجار الحبوب الذين يرسلون بضائعهم إلى حلب وبغداد. قال لي أحدهم: (الموصل هي قلب التجارة، ومن لا يمر بها لا يعرف طريق الرزق). لمست في حديثه شعورًا بالاعتزاز بدور المدينة المحوري."

"لكنني لمست أيضًا توترًا بين المدينة والقبائل المحيطة. ذكر لي أحد الموظفين العثمانيين أن الغارات لا تزال تحدث أحيانًا على القوافل القادمة إلى الموصل، وأن الحكومة تضطر إلى إرسال قوات لتأمين الطرق. بدا واضحًا أن الموصل، رغم قوتها، لا تستطيع أن تنعزل عن تأثير الصحراء وقبائلها."

"كتبت في دفتري: (الموصل تمثل وجهًا آخر للشرق: مدينة واسعة، متعددة الأعراق والثقافات، تعيش على التجارة، لكنها تبقى على تماس دائم مع عالم القبائل الذي يحيط بها)."

20 = الرسالة 20 (1905) – العودة جنوبًا نحو بغداد

"غادرنا الموصل متجهين جنوبًا عبر السهول الواسعة. الأرض هنا تختلف كثيرًا عن البادية والأطراف الجبلية، فهي مفتوحة خصبة، يجري فيها نهر دجلة كأنه شريان حياة لا ينضب. على ضفافه تنتشر القرى، حقول القمح والشعير، وبساتين النخيل التي تعطي الأرض منظرًا بهيجًا."

"مررنا ببلدات صغيرة مثل سمراء وبلد، حيث الأسواق تعج بالناس، يبيعون التمور والقمح والسمن. كان واضحًا أن هذه الأرض تعيش على خصبها الزراعي منذ قرون طويلة، وأن دجلة ما زال يمنحها القوة والحياة."

"اقتربنا من سامراء، فرأيت مئذنة الملويّة الشهيرة ترتفع شامخة في الأفق. منظرها الملتف كالسلم الحلزوني أثار في نفسي رهبة وإعجابًا، وكأنها رسالة من الماضي العباسي عن عظمة حضارة عاشت هنا يومًا ما."

"كلما اقتربنا من بغداد، ازدادت الأرض عمرانًا، والمزارع أكثر تنظيمًا. كان الناس على جانبي الطريق منشغلين بالحرث والسقي، والدواب تجر النواعير لرفع الماء من النهر. بدا المشهد وكأن الحضارة والزراعة تتجددان باستمرار في هذه الأرض."

"كتبت في دفتري: (من الموصل إلى بغداد، يروي دجلة قصة حضارة متصلة، لم تنقطع رغم تبدّل الدول. النهر هو السيد، والناس جميعًا ضيوف على عطاياه)."

انتهت (ح16) وتليها (ح17) بعون الله وه متابعة نشر رسائل أخطر جاسوسة انجليزية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :