روح ومضامين السلم المجتمعي و مدينة السلط
م. عبد الغني طبلت الايوبيين
14-12-2025 09:04 AM
تتجلى روح ومضامين السلم المجتمعي في مدينة السلط وتتضح في تأكيد أهلها الطيبين اصحاب النخوة والكرامة وإغائة الملهوف ، على تعزيز معاني التعايش المشترك وتأكيد أواصر الود والاحترام المتبادل بين مختلف مكوناتها ، التي تستند الى حالة تاريخية متواترة من الانسجام السكاني والوئام الديني ، والتي غلفت سلوكيات وممارسات مجتمعها الناضج على مختلف الأصعدة الإنسانية والحضرية والمعيشية والتقليدية ، النابذة لكل اشكال التفرقة والمفاضلة والتمييز
ولقد انعكست تلك الحالة الفريدة من الانسجام والسلم المجتمعي بشواهد واضحة على ارض الواقع ، عندما نرى بأن المباني والبيوت تتلاصق وتتداخل فيما بينها بجدرانها وأسقفها وممراتها ومداخلها وساحاتها وبساتينها وحدائقها (ياجار حط حيطك على حيطنا مشان نوفر حيط / مثل سلطي) ، وبأنها تتجاور بكل رحابة وانفتاح واستئناس مع المساجد والكنائس ، وتتكامل بكل يسر وأريحية مع الأسواق والمدارس والأماكن العامة ، التي ما فتئت ترحب بجميع مرتاديها دونما تفرقة او تمييز أو تصنيف حتى يومنا هذا
ويأتي كنتيجة حتمية لكل ذلك ، عدم وجود مناطق أو أحياء او حارات تم تخصيصها او اشغالها على أساس العرق أو الأصل أو الدين او أي تصنيف مجتمعي اخر ، لا بل أن مختلف مكونات المجتمع السلطي بعشائره وعائلاته ومقيميه وأفراده من مسلمين ومسيحيين ، عاشوا ومازالوا يعيشون جنباً إلى جنب في سلم وامان واطمئنان ، مما يشير الى التكامل والتناغم في معطيات التكافل المجتمعي ، الامر الذي يعزز من قوة الروابط بين سكان المدينة ، القائمة على قاعدة صلبة من التكافل والتعاون في السراء والضراء ، وعلى ركيزة ملموسة تجسد قيم التسامح والضيافة السلطية التي تشكل أرضية صالحة لديمومة السلم المجتمعي وأساسا راسخا لثبات معطيات العيش المشترك في المدينة