facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين يكون مفترق الطرق على طرف الحافة


مالك العثامنة
23-11-2021 05:59 PM

في الأردن، إما أن ترى التحولات عميقة جدا فتتعاظم عندك القدرة على فهم "أو تفهم بحذر" تضاربات المشهد ضمن رؤية تحولات عميقة، فتتخلى عن قياسات السطح التي بالضرورة أصبحت سطحية، أو تراقب المشهد ضمن ذات مستوى الرؤية العادي ضمن اعتقاد "وهو اعتقاد مشروع" أن التحولات عادية وفي سياقها الطبيعي، فتتعاظم عندك الشكوك ضمن رؤية نقدية قد تلامس تذمر الناس اليومي والمعيشي.

فلنتفق أولا، أن أي قياسات في التحليل يجب أن لا تخرج عن سياقها الإقليمي، فالأردن ليس جزيرة معزولة، بل إن جغرافيته السياسية هي إشكاليته الحقيقية في تكوينه كدولة مضطرة للتشابك مع محيطها كله، وبمنسوب حساسية أكثر من أي دولة في ذلك الشرق البائس والمتخم بالأزمات، وهو ما يضع الأردن "بالضرورة" على الحافة في كل مفترق طرق إقليمي.

ولنتفق ثانيا، أن الدولة الأردنية منهكة، وقد انسحبت من دورها المؤسساتي "المحمي بالقانون" لصالح جماعات مصالح ونفوذ "معقدة التركيب"، صارت بحد ذاتها طبقة نخبوية "غير متجانسة"، وتؤثر في القرار.

طبعا، من البديهيات التي لا يمكن إغفالها، ويجب التذكير بها، وتذكرها باستمرار، أن الأردن فقير، هذا واقعه وليس وصفا يدني من منزلته، هو فقير لا ثروات طبيعية لديه (الفوسفات ثروة طبيعية، وغير كافية بكل الأحوال)، وفقير مائيا، والمياه تحديدا عقدة الأردن الأزلية وصرخته الصحراوية المدوية.

أما قصة "الثروة الإنسانية" فهذا متغير تتحكم به صعودا أو هبوطا أحوال الدولة وسياساتها وحضورها الذي يمنح الرعاية لتلك الثروة، التي لا يمكن أن تكون ذات قيمة، بدون المعرفة والعلوم والوعي البعيد عن الدجل والغيبوبة الفكرية.

يمكن لنا أن نخوض جدلا لا ينتهي بجدية الإصلاح، وقد نصل في الجدل إلى ما يراه البعض من محظورات لنشكك بجدية الملك نفسه في الإصلاح، فهل ما يقوله رأس الدولة في أوراقه النقاشية "وهي أدبيات سياسية لا قوة قانونية لها"، أو في جلساته المغلقة وتسريباته الصحفية حقيقي برغبة حقيقية ؟ أم أن الملك مرتاح للوضع الراهن في الدولة على كل ما فيه من شروخ وتناقضات وعجز؟

لكن، في أي جدل "أردني" فإن آخر ما يحتاجه الأردنيون هو الجدل الشعبوي الذي سيستمر بإنتاج فقاعات الهواء على صيغة نخب سياسية أو فكرية، وكل ذلك على حساب العقل والوعي بالمرحلة "الانتقالية" العميقة وحساسيتها، وهذه "الشعبويات" ذات الصوت المرتفع والجعجعة بلا طحن، ستسمح بالمقابل لقوى الوضع الراهن من نخب فاسدة تشابكت مصالحها المتعددة في خطف مؤسسات الدولة بالتمدد، لتستفيد من كل الرداءة في المشهد السياسي مستخدمة خطاب "العقلانية" لتمرير الحشو البلاغي بلا قيمة حقيقية، وبذلك تبقى الدولة بمفهومها المؤسساتي والدستوري مثل "الضمير الغائب" في أي جملة سياسية مطروحة على الطاولة.

مخرجات لجنة الإصلاح في مرمى البرلمان بغرفتيه التشريعيتين، وأهم ما ورد مؤخرا من مشاريع أخرجتها الحكومة من تلك المخرجات "الإصلاحية" تلك التعديلات الدستورية التي تضمنت استحضارا لمجلس أمني يرسم السياسات الخارجية والأمنية، يديره الملك نفسه مع أعضاء معينين، في خط مواز للحكومة.

التبرير الرسمي "خلف الكواليس"، مما سمعته، كان على مخالفته لمنطق "الديمقراطية" السليمة كاملة الأهلية يتسم بالواقعية السياسية ليضع تلك التعديلات وهذا المجلس تحديدا كمخرج آمن من أي أزمة قد تعصف بالدولة من قبل أي حكومة "منتخبة" شعبيا، قد تكون سياساتها متطرفة حسب موازين عقل الدولة الأردني.

وحسب ذات المصادر "وقد سمعت منها في العاصمة الأردنية عمان ذات التفسير"، فإن احتمالية تشكيل حكومة في المستقبل بتحالفات متطرفة في السياسات، قد تدفع بالدولة للسقوط عن الحافة التي تقف عليها بالضرورة التاريخية والجغرافية، وعليه وحسب تأكيدات المصادر نفسها فإن المجلس "الأمني الوطني" المذكور برئاسة الملك وأركان الدولة جميعا، هم صمام الأمان لوقف أي قرار "حكومي" مفترض يضع الدولة برمتها في خطر.

بلا شك تلك وصاية مسبقة، ومنافية للقواعد الديمقراطية السليمة والصحية، لكن تلك القواعد الديمقراطية لكي تكون سليمة وصحية ابتداء تتطلب وعيا مجتمعيا عميقا بمفهوم الدولة ومؤسساتها لتصل إلى إدراك حقوق المواطنة وواجباتها ثم البناء الديمقراطي على تلك الأسس الصلبة والراسخة.

فهل الأردن، حاليا وبوضعه الراهن مضمون "الوعي الجمعي" والمواطنة بحقوقها وواجباتها مكتملة فيه بلا نقصان؟

(ما بعد قضية ما تم تسميته بالفتنة، خرج أحد أعضاء مجلس النواب في حملة شعبوية شرسة لم تكن مفاجئة لمن يعرفون الرجل، لكن -المفاجئ بالنسبة لي على الأقل- تلك الشعبوية الكبيرة التي سخرت نفسها تابعة لخطابه الديماغوجي.. مما زاد اليقين بوجود تيار ديماغوجي حاضر بقوة في فراغ الوعي السياسي في مجتمع أنهكه الفساد والعيش ..وغياب الدولة).

لا يعني كل ما كتبته أعلاه أني أتبنى بالتأييد تلك التعديلات الدستورية، لكنني بلا شك أتبنى مثل غيري الحذر حد الخوف من إطلاق الأدوات الديمقراطية بلا ضوابط مبدئية في دولة "مرتبكة"، وعيها الجمعي تم مسخه وتشويهه وتزويره إلى حد خلق أيقونات "وطنية" من أي صاحب صوت مرتفع يتحدث بحشو يلامس مخاوف الناس، ولا يخاطب عقولهم.

مرة أخرى..نكرر

إذا كانت الديمقراطية هي العربة المزركشة التي نضعها أمام الحصان الذي يمثل الدولة، فإننا بحاجة إلى الحصان نفسه بكامل لياقته قبل أن ينطلق مرة أخرى في طريقه.

ربما يكون لاستحضار مجلس وطني وأمني تبريراته الواقعية، لكن لا بد من تطويعه لمنطق الدولة وتحت مظلة الدستور، وحضوره لا يستقيم إلا عند اكتمال حالة الوعي الجمعي بالديمقراطية كما يجب أن تكون.

(الحرة)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :