facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أنهم أخوة يوسف فاحذروا حسدهم وخياناتهم


جهاد المومني
05-07-2007 03:00 AM

** مقال الزميل جهاد المومني التالي نشر في صحيفته "النشمية" وكتبه خلال تواجده في كندا ..ويأتي بعد مقاله الذي ذاع صيته "عندما تتفشى النذالة مثل الكوليرا على المحترمين ان يشدوا الرحال" قبل ان يشد رحاله الى مونتريال فيعود الى الاردن ناسياً ما وعد بعد غضب ...يرن هاتفي الاردني في اليوم الواحد عشرات المرات لكنني لسبب ما اتفحص الأرقام بتثاقل ولا ارد على المتصلين وجلهم اصدقاء ومحبون, انا هنا في كندا منذ ثلاثة اسابيع طويلة جدا, فقد انضممت إلى اولادي في البلد الذي احب بعد الاردن, هنا امارس نشاطات سخيفة إلى حد ما لكنها تبعدني عما هو اكثر سخفا, بيد ان السخافة هنا لا تقارن بالسخافة هناك.. فهنا سخافة مسلية وهناك سخافة مؤلمة كوجع الاسنان بعد منتصف الليل .....

لقد نصحني الاطباء ان اهرب من كوابيسي و( أنسى ), ولم اعدهم بالنسيان لكنني رضخت لإنذارات صادرة من قلبي المتعب فسافرت طمعا في الراحة التي لن اتذوقها قبل ان اشفي الغضبة التي في صدري واحملها منذ الخميس الاسود قبل سنة ونيف, لم ولن انسى, وكيف انسى وانا هنا اتداوى من طعنة نازفة بلغت قلبي..

أنا هنا على بعد عشرة آلاف كيلومتر لكنني اتغدى كل يوم في مطعم الباشوات في شارع مكة، واقلب الرأي وازجر السواقين المجانين في النهار الواحد مئة مرة, انا في صميم النكد اتناوله بعد كل وجبة، اي مرتين في اليوم الواحد على الأقل, لست بمهاجر ولن تنفعني الهجرة حتى لو حاولت, كل ما في الأمر ان صدري ضاق ولم اعد قادرا على السمع اكثر مما سمعت والقراءة اكثر مما قرأت فقصدت هذه البلاد التي احتملت وجعي قبل سنوات فتداويت فيها قبل هذه المرة, من جيبي بطبيعة الحال, ولن يجرؤ احد على الادعاء بغير ذلك مثلما لن يجرؤ احد على الادعاء بانه اسكتني يوما بمغلف، والدليل انني لم اسكت, في ذلك الوقت داوى البعض اسنانهم في لندن وآخرون أجروا عمليات تجميل في برلين على نفقة الدولة الفقيرة، وفيما بعد صاروا خصوما لها ربما لأنها فقيرة، نجحوا وصار لهم مستقبل زاهر مع ان فكرتهم بسيطة ولم تكلفهم الكثير على اية حال، فالاخلاص يكون للحكومات وتحديدا لرؤساء بعضها, ومع ذهابهم يذهب كل شىء بما في ذلك مجرد الميل للوطن.. هذه الخلطة السحرية لم نكن نعرفها ومع ذلك اعتقد جازما اننا لو عرفناها لما تناولنا منها مثقال ذرة ولو كان فيها الشفاء الابدي من الحاجة.. لماذا, وهل للأمر علاقة بالتياسة مثلا ام بشىء آخر؟ ظن- وليس كل الظن اثم- أنها الجينات والقول بان الوضاعة تورث مثل السكري قول علمي وصحيح, كذلك هي المروءة والشهامة والرجولة إن شئتم...!
قلت في مقالتي السابقة أننا نملك وطنا رائعا لا نستحقه, وفي هذا المقال أحب أن أؤكد ما قلت وأضيف اليه بعض ما استرجعته الذاكرة من بينات تجعلني اتشبث بتشاؤمي ولا اتزحزح عن قناعتي بأننا لا نعرف كيف نوالي اذا والينا, ولا كيف نعارض اذا عارضنا، فما اقصر المسافة بين حبنا وكراهيتنا, ولائنا وخيانتنا,ايماننا وكفرنا, حتى المزاح عندنا قد ينتهي بطعنة (شبرية), والفرح قد ينقلب إلى مأتم بطلقة ناجمة عن فرط السعادة.. والغريب في تناقضاتنا انها باتت مسلمات لم تعد تثير فينا الاستهجان والاستغراب, الغريب هو السوي في مجتمعنا, والأهبل هو المحترم, والعائلة الهادئة هي ما تثير حفيظة الجيران فيبدأون بالهمس والغمز حولها, ما الذي يحدث لنا, هل صحيح اننا لم نعد نموت الا بالجلطات وحوادث الطرق والاعراس طبعا, لماذا كل هذه العصبية المندفعة من شبابيك سياراتنا والصياح المحتج في مكاتبنا, الكل عاتب لا تدري على من ولأي سبب, وجوه مكفهرة وكأننا نساق إلى المشانق, لا نتحاور واذا فعلنا جهزنا المسدسات, مشترياتنا ضعف رواتبنا وسياراتنا اثمن من بيوتنا, نحن بالذات نكره المثل (على طول لحافك مد رجليك) ولذلك نعاني أمراض المفاصل لان الحفتنا قصيرة فينخر عظامنا البرد صيفا وشتاء...
وقلت في مقالتي شيئا عن (حملة البشاكير) وقد سئلت كثيرا عن هؤلاء رغم أن مقالة لي نشرت قبل عشر سنوات بالتمام والكمال في جريدة (الدستور) وكانت تحمل نفس العنوان سردت فيها حكاية (حملة البشاكير), وليس بوسعي الآن ان أعود إلى الوراء لأذكر بأكثر الناس وضاعة في بلدنا, فالقصة تطول، اما تنظيف وساخة الغير فمهنة يحتكرها البعض ويورثونها لاولادهم كقطع الاراضي وكمهنة مطهر الاولاد المعروف ب (الشلبي) والذي كان يجوب القرى حاملا شنطته وينادي منشدا أهل البيوت التي يلعب في باحاتها الاولاد الذكور, الشلبي بالذات كان يعتقد ان مهنته فريدة لا ينافسه عليها احد ولذلك حرص على تعليمها لاولاده او لأحدهم على الاقل.
لا عجب ان تكون مهنة حمل البشاكير موضع اقبال ومنافسة شديدة فالمهن الوضيعة تلقى رواجا واقبالا وتندرج جميعها تحت عنوان التعهير الذي تحدثت عنه في مقالة الاسبوع الماضي, التعهير المنهجي الذي اصاب بعض المهن المحترمة كالكتابة مثلا ,وتحدثت عن الرويبضة الذين صاروا اكثر المتحدثين في امور الامة وشؤونها, والجهلة الذين تنصب لهم الميكرفونات لالقاء المحاضرات ويستدعون على عجل للمشاركة في البرامج الحوارية وتولي مهمة الدفاع عن السياسة الاردنية خاصة عندما (تعصلج) ويصير لزاما تسليكها, أعتقد انني قلت القليل على كثرته، والذين ابدوا اعجابهم أكثر من اولئك الذين مسهم الاندهاش وفغروا افواههم ثم نبحوا باشاعة سفري بلا عودة, اعرف كم يسعدهم لو ندفن كلنا احياء او يفيقون يوما على الطوفان وقد أخذنا إلى غير رجعة وتبقى البلد لهم يعيثون فيها فسادا وإفسادا ودسائس, هؤلاء اخوة يوسف الذين رموه بالجب كي يموت جوعا وبردا حسدا وغيظا وكمدا...

قبل سفري من الاردن بعدة ايام ودعت صديقا أجنبيا عمل دبلوماسيا لبلاده في الاردن لاربع سنوات حرص خلالها على ان يتعرف على البلد وناسه الطيبين الأخيار فاحب الاردن واحب الأردنيين, لكنه في معرض اقامته تعرف على نخب من السفلة أيضا وقد اخبرني كم تفاجأ بخستهم واستعدادهم لبيع وطنهم بحفنة دولارات, هذا الدبلوماسي بكى لانه يودع الاردن واصدقاءه فيه ويشعر بالفخر لأن ابنته الصغيرة ولدت في الاردن وتمنى لو ان القوانين الاردنية تعطيها حق الحصول على الجنسية بالولادة, في المقابل اعرف نذلا من انتاج محلي رديء سافر للمشاركة في مؤتمر عقد في قطر شقيق جعل من الاردن تسلية للحضور من مختلف التنظيمات والشلل, فخون من خون ومنح صكوكا بالقومية لمن شاء وبالنتيجة هو من الموثوقين على عكسنا تماما.. صديقي الدبلوماسي لم يكن مواطنا لدولة جائعة فشبع الخبز عندنا, انه مواطن من دولة عظمى يحمل درجة علمية تخوله الحكم على بلد عاش فيه اربع سنوات قضاها باحثا منقبا عن كل صغيرة وكبيرة واكتشف ان الاردن بلد رائع أنجز الكثير وحقق لشعبه ما لم تحققه دول غنية كثيرة الكلام قليلة الفعل, في ثلاث من هذه البلدان خدم ضيفنا الذي كتب لي بعد عودته إلى بلاده ليقول انه لو خير بالخدمة في أي بلد عربي او الاردن لاختار الاردن مرة اخرى بلا تردد, وهذا الصديق لم يكن الوحيد على اية حال فما أكثر المعجبين الاجانب ببلدنا اكثر منا, وما اكثر الاوفياء الغرباء لبلدنا اكثر من بعضنا..
البلد مأكول مذموم كخبز الشعير مرة قالها عبد الرؤوف الروابده, وقال علي أبو الراغب (ما ربينا ثور وحرث), أما عبد السلام المجالي فلا يزال يبحث عن الاجابة عن سؤال طرحه منذ سنوات وكثيرا ما يطرحه الآن (ترى ما هي حكمة الخالق في ان ينزل الانبياء جميعا في منطقتنا..؟, صحيح أن شر البلية ما يضحك لكنه يبكي كثيرا والضحك هنا استثناء, وهذه الاقوال التي ترددت على ألسنة رؤساء حكومات خبروا الناس وتعرفوا على نماذج ملونة من النماريد ناكري الجميل تفسر الحال المخجل في بلدنا المتسامح بدون وجه حق, المهادن لدرجة (التغنيج) على اسس لا تكون دائما مفهومة, بل غالبا ما تكون انتهازية الى الحد المقرف, فمن اجل ارضاء ولد تغامر الدولة بزعل عشرة رجال حتى انك تتخيل احيانا وكأن كل شىء يتم بترتيب هدفه الاستفزاز بل والاهانة الموجهة عمدا للمحترمين الاوفياء, فانت مهما حاولت لن تجد تفسيرا (لتغنيج) فلان بتقليبه من منصب إلى آخر على حساب البقية, فلا هو فصيح زمانه ولا هو من نوادر البلد ستعجز الاردنيات عن انجاب مثيل له, بل على العكس تماما فقد تكفي دقيقة واحدة لتكتشف ان كونه (ثورا لا يحرث) هو اهم مؤهل عنده, وكأن هذا هو النموذج المطلوب ..
لن تكفي هذه المقالة لقول كل شيء فما اكثر ما يقال، ولكن الاكثر منه ما يظل حبيس الحناجر او مدونا على اقراص مدمجة ينتظر فسحة من الزمن كي يخرج على الملأ دابّا الصوت وداعيا الاخيار في بلد الاخيار إلى نفض الغبار عن عباءة هذا الوطن الغالي وللحديث بقية ...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :