facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أهمية قواعد "القانون المدني الأردني" في تنظيم التصرفات والعلاقات


د. ضرار مفضي بركات
13-08-2023 04:17 PM

إنّ القوة والأهمية التي تجعل دارس القانون أو المشتغل فيه قوياً في حُجتهِ، قادراً على فهم غيرها من مواضيع القانون المتشعبة؛ لتعود جملةً بالاستقراء، والتحليل، والتجربة، على دراسة القانون المدني، وبالأخص نظرية الحق الشخصي(الالتزام) إذ أنها من أهم مواضيع القانون، وأعقدها، فهي تقوم فيه، مقامَ القطبِ في الرحىَ، كما أنها تُعدُ انموذجاً، حياً وحيوياً في المعاملات والعلاقات، بما يُنظم علاقات الجماعات والإفراد والمجتمع ككل سُلوكياً، وبينَ الأشخاص أنفسهم وبينَ الدولة، بمجموعة من القواعد الضابطة، والأحكام القانونية، التي تُبين للجميع، "حقوقهم وواجباتهم"، وللحد من أي تداخل بين المصالح، واختلال التوازن؛ وتجنباً للفوضى، وتفادياً لنشوب النزعات والخلاف.

ويأتي هذا المقال في أهمية قواعد "القانون المدني" في ضبط وتنظيم وتحديد العلاقات والتصرفات، بين الأفراد ببعضهم البعض، أهمية وحاجةً وموضوعاً، ومضموناً، ومصدراً على عدة محاور، كما يلي:
المحور الأول: الغاية من "القانون المدني" بين الأهمية حاجةً وموضوعاً، وبين تأصيل صدوره، وفيه:

أولاً: الغاية من "القانون المدني" ببيان موضوعهِ وأهمية الحاجة إليه:

1- لما كانَ كلُ إنسانٍ لا يستطيع تأمين مَصالحهِ وحاجاتهِ بمفردهِ، حتىَ أنَّ الناسَ بمجموعهم لا بأس يمكنهم العيشَ إلا بمجتمعٍ، يتسمُ فيهِ الروابط والعلاقات بجميع أنواعها، وجوداً وقوةً، والتي تحتاج بالضرورة إلى قواعد وأحكام تُنظمها وتضبطها؛ لكي لا تتضارب المصالح، وتحصل الـنِزاعات، ولما كانت تلكم العلاقات في المجتمع مبنيةً على المعاوضة؛ لأنَّ كلُ فردٍ يأخذُ ويُعطي سِلعةً أو مَنفعةً أو خِدمةً بثمنٍ وجهدٍ.

2- التعريف بــ"القانون المدني الأردني": هو (مجموعة "القـواعـد" الموضوعية المنظمة؛ للحقوق المالية والالتزامات، التي تنشأ بين أفراد المجتمع، نتيجة تعاملاتهم، ونشاطاتهم الاكتسابية، وسائر أفعالهم "بتحديد" أسبابها المولدة لها، ثم أثارها ونتائجها فيما بينهم، بمعنى أنهُ مجموعة من القواعد، التي "تُحدد العلاقات بين الأشخاص").

3- يعدُ (القانون المدني الأردني) أصلٌ لغيرهِ خاصةً بالنسبة إلى فروع القانون الخاص، فهو مُختصٌ بتنظيم بجميع القواعد، التي تتعلق بالأشخاص كافة، وذلك بغض النظر عن فئاتهم المهنية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، وفي حال سكوت أي قانون آخر من القوانين الخاصة، كقانون التجارة أو قانون العمل عن تنظيم أمر مُعين متعلقٍ بفحواهُ، فانهُ يتم تلقائياً العودة إلى القانون المدني؛ للبحث عن الحكم المسكوت عنهُ في فروع القوانين الخاصة.

4- أما العلاقات التي يُنظمها القانون المدني، بقواعدهِ، فهي بين أمرين:

أ- العلاقات والمعاملات المالية بين الإفراد في المجتمع.

ب- الأحوال الشخصية، وهي تُنظم الفرد بأسرتهِ في جانبي إدارة المال وتوزيع المال، بوجهٍ خاص في الأهلية والميراث...) ولقد اقتصرَ القانون المدني الأردني على تنظيم المعاملات المالية، للأفراد فقط.

وبالتالي لما كانت تلكم الروابط والعلاقات القانونية يجب أن تكونَ قويةً، بياناً وتحديداً، بين الأشخاص ببعضهم البعض، وبينهم وبين الأشياء، حمايةً لتلكم "الغايات المشروعة"، ومنها ضمان الحقوق بحدودها بحكم القانون- وتلبية الحوائج، بحكم الفطرة الإنسانية، والمعاوضة، بحكم ثقافة المجتمع، ومدىَ التزام أفرادهِ، مَسلكيـاً اقتصادياً واجتماعياً، تربوياً ونفسياً؛ ليضبطهُ ضبطاً، بسلطة القانون.

ولما كانت جذور "القانون المدني" تستند علىَ "أصولٍ ثابتة" من التشريع الإسلامي، بفقهِ، وأصولهِ، وقواعدهِ، وأحكامهِ، استُنبطت منها تلكم القواعد المُنضبطة، والأحكام المُلزمة، والتي قُننت بعناية وإمعان، كما سيأتي بيانه.

المحور الثاني: الوضع في الأردن (قبل وبعد) صدور"القانون المدني"؛ تأصيلاً ومحتوى، وفيه:

1- الوضع قبل صدور"القانون المدني"؛ ويتمثل في وضعَ العلاقات والمعاملات المالية والتصرفات القانونية بين الأفراد في الأردن، بالعمل بـ(مجلة الأحكام العدلية)، التي أصدرها المشرع العثماني في(1286م)، والتي هي مستمدةٌ بالأصل من الفقه الإسلامي، والتحديد المذهب الحنفي.

2- الوضع بعد صدور"القانون المدني الأردني" رقم(43) لسنة (1976م):

يتألف القانون المدني من (1449) مادة، وفي المادة:(1448) منهُ على إلغاء ما يتعارض مع أحكام القانون من مجلة الأحكام العدلية، التي أُعتنيىَ بها، تناولاً واستمداداً، ويعني هذا أنَّ مجلة الأحكام العدلية لا زالت مُطبقة (فيما لا يتعارض وأحكام القانون المدني الأردني) على العموم تُعتبر المجلة مصدراً مهماً؛ للقانون المدني خاصةً، وأنَّ المشرع الأردني رجعَ إلى الفقه الإسلامي في الكثير من أحكامه؛ لذلك تجد القانون المدني الأردني، يتميز بعناية قواعدهِ، استمدادا تناولا، ودقة بضوابطهِ، لغوياً، واهتمامهِ البالغ بـالعـرف والبيئة، تـقـديراً وإتقانا، ولـلناس بـأحوالهم ومُستوياتهم، وبنصوصه وقواعده "صدوراً" سنة 1976م، بتعديلاته، وتنقحيه، وتحديثه، و"تطبيقاً" له في1/1/1977م.

وفي الباب التمهيدي، من القانون المدني الأردني، بعض النصوص، التي تُبين المنهج العملي والتطبيقي للقانون، كما تُبين "الخصائص" التي تميزَ بها القانون المدني الأردني، في المواد التالية:

المادة (1) "يُسمىَ هذا القانون (القانون المدني لسنة 1976م) ويعمل به من1/1/1977م".

المادة (2): تتضمن:

1- (تسري نصوص هذا القانون على المسائل التي تتناولها هذه النصوص بألفاظها ومعانيها ولا مساغ للاجتهاد في مورد النص).

2- (فإذا لم تجد المحكمة نصاً في هذا القانون حكمت في "الفقه الإسلامي" الأكثر مُوافقةً لنصوص هذا القانون، فان لم تُوجد فبمقتضى "مبادئ الشريعة الإسلامية").

3- (فان لم توجد حكمت بمقتضى "العرف"، فان لم تُوجد، حكمت بمقتضى قواعد "العدالة"، ويُشترط في العرف أن يكون عاماً، وقديماً، ثابتاً، ومطرداً ولا يتعارض مع أحكام القانون، أو النظام العام أو الآداب.. أما إذا كان العرفُ خاصاً ببلدٍ معين فيسري حكمه على ذلك البلد).

4- (ويسترشد في ذلك كلهِ بما أقرهُ القضاء والفقه على أن لا يتعارض مع ما ذكر) .

المادة (3) (رجع في فهم النص وتفسيره وتأويله ودلالته إلى قواعد أصول الفقه الإسلامي) .

المادة (4): (ما ثبت بزمانٍ يُحكم ببقائهِ ما لم يوجد دليلٌ على ما يُنافيه) .

المادة (5): (لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريعٍ لاحق ينصُ صراحةً على هذا الإلغاء، أو يشتملُ على نصٍ يتعارض مع نص التشريع القديم، أو يُنظم من جديد الموضوع، الذي سبقَ أنَّ قررَ قواعدهُ ذلكَ التشريع).

3- ولقد اشتمل القانون المدني الأردني على (باب تمهيدي، وأربعة كتب، وهي: الكتاب الأول: الحقوق الشخصية(الالتزامات) والكتاب الثاني: العقود، والكتاب الثالث: الحقوق العينية الأصلية، وغالبيته لحق الملكية، والكتاب الرابع: الحقوق العينية التبعية، وفيه الرهن التأميني، والحيازي، والتوثيق العيني بنص القانون: أي حقوق الامتياز).

4- ((بعضاً من التحديات التي تُواجه المشرع الأردني أنهُ لم ينجح في مجاراة قواعد الشريعة الغراء والفقه الإسلامي في كل شيء، فهناك مثلاً بعض المسائل في التقديرات والإصابات الجسدية بالدية وأجزائها المقدرة(الإرش) وغير المقدرة (حكومة عدل) حيثُ سمحَ للمضرور بالمطالبة بالتعويض المدني، إضافة إلى مبلغ الدية، إلا أن كل ذلك لم يبعد القانون المدني عن أحضان الشريعة الإسلامية وفقهها، حيث يعد هذا القانون الخطوة الأكثر تقدماً في التزام قواعد الفقه الإسلامي، إلا أنها تبقى خطوة تحتاج إلى خطوات أخرى؛ لتنقية هذا القانون مما شابهُ من التناقض أحياناً، بسبب صعوبة التوفيق بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية، خصوصاً أنَّ المشرع ركنَ على النصوص الجاهزة، التي أخذت بها القوانين الأخرى، ولم يعتمد صياغة جديدة تتفق في شكلها ومضمونها مع قواعد الشريعة والفقه الإسلامي)).

المحور الثالث: موضوع "القانون المدني" ومضمونهِ؛ لتنظيم العلاقات والمعاملات، وضبط التصرفات:

كما تُقدم هو أصلٌ لغيرهِ لدقتهِ، وجمال تنظيمهِ، قلتُ لكم الروابط والعلاقات التعاقدية والتعاملية، حتىَ أنَّ القانون المدني، يُعدُ أصلاً لغيرهِ من القوانين الخاصة.. وأما بالجملة فإنَّ (موضوعَ القانون المدني) يُبين، ويُنظم، ويُلزم، ويُراقب، ويَمنع أي خلل يُخالف، أو يُناقض الأصل، تفادياً؛ لنشوب الخلاف المُفضي إلى (النزاعات والخصومات) التي تتنافى مع الأصلَ الأولي والجوهري؛ لإقامة تلكم العلاقات والمعاملات المالية، بروابط تعاقدية، وتوثيقية؛ لقضاء الحاجات والغايات، التي دفعتهم للتعاقد ابتداءً.

إنَّ موضوعَ العلاقات والمعاملات المالية، والتصرفات القانونية، وغايتُها في القانون المدني الأردني، ببيان الحقوق وحدودها، وواجبات المواطنين والتزاماتهم، والحدُ من انتشار الجريمة في المجتمعات؛ بفرض العقوبات الرادعةَ، وآليات التطبيق، بقواعد وأحكام، تُنظم وتَضبط "التصرفات":(القولية والفعلية) بما يُحقق الأمن، والحفظ التعاقدي، والتعامل الأخلاقي، سواءً أكانَ مُواطناً أم أجنبياً، داخل الدولة، أو خارجها.

الخلاصة والنتائج:

1- يُعدُ "القانون" عاماً أو خاصاً (سلطة وقوة) للحد من أي تداخل بين المصالح، واختلال التوازن؛ وتجنباً للفوضى، وتفادياً لنشوب النزعات والخلافات، أو سيطرة الذات بما عُرفَ عن بعض الناس من أنانية، وتمادي على الحق وسلطانهِ.

2- يُعدُ(القانون المدني الأردني) أصلٌ لغيره من القوانين في حال السكوت عن أمرٍ معين في القوانين الخاصة، كالقانون التجاري، أو الدولي الخاص، أو قانون العمل، أو قانون أصول المحكمات المدنية، وهُنَّ بمجموعِهنَ من ضمن (القانون الخاص الأردني).

3- للقانون المدني الأردني "خصائص ومميزات' في استمداده للقواعد وتنظيمها وضبطها للعلاقات والتصرفات، في الباب التمهيدي منهُ، وبالتحديد في المواد: (1) و(2) و(3) و(4) و(5).

والله الموفق لكل خير لا ربّ غيره.

المراجع، والملاحظات:
1- (السرحان، عدنان إبراهيم، وخاطر، د. نوري حمد، شرح القانون المدني مصادر الحقوق الشخصية- الالتزامات- دراسة مقارنة، دار الثقافة، عمان، ط9، 2023م).

2- (أبو البصل، د. عبد الناصر، دراسة في فقه القانون المدني الأردني(النظرية العامة للعقد)، ط2، دار النفائس، عمان، 2010م).

3- مقال: حُماة الحق للمحاماة، "مفهوم القانون" على موقع: (https://jordan-lawyer.com/2020م/05/3).

4- مقال: بركات، ضرار، "القانون" بين الأهمية المسلكية وبين المفهوم والنوعية، ومقال: أهمية "التحديد" في القانون المدني" الذي يضبط العلاقات والتصرفات، على وكالة "عمون" الإخبارية الأردنية، تاريخ 1/8/2023م على: (https://www.ammonnews.net).

5- مقال: "القانون المدني" على وكالة "عمون" الإخبارية الأردنية، تاريخ 7/9/2022م على: (https://www.ammonnews.net).

* محاضر غير متفرغ/ ج. جدارا / وعضو الاتحاد الأكاديميين والعلماء العرب ويعمل لدى وزارة التربية والتعليم/ المملكة الأردنية الهاشمية
0796310435/ Drarbrkat03@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :