النفط" بين قرارات أوبك+ والمؤثرات العالمية
لما جمال العبسه
29-05-2025 05:11 PM
وسط التغيرات السريعة في الأسواق العالمية، يجد النفط نفسه مجددا في قلب المشهد الاقتصادي، حيث تتقاطع قرارات الإنتاج مع الأحداث الجيوسياسية والتجارية الكبرى، ومع اقتراب اجتماع منظمة "أوبك+" المنتظر في حزيران المقبل ، تتجه الأنظار إلى مستقبل الأسعار في ظل زيادة جديدة مقررة في الإنتاج والمقدرة بـ411 ألف برميل يوميا، وبين تعليق الرسوم الجمركية الأميركية-الأوروبية، والمفاوضات النووية الامريكية الإيرانية، يبقى السؤال المطروح... هل هذه التطورات ستدفع الأسعار نحو الاستقرار أم أننا على أعتاب مرحلة جديدة من التقلبات؟، وهنا سنقرأ هذه التغيرات بشكل أدق.
"أوبك +" أعلنت أن ثماني دول منتجة رئيسية، بقيادة العربية السعودية وروسيا، ستنفذ تعديلات جديدة في الإنتاج بزيادة 411 ألف برميل يوميا في حزيران، هذه الخطوة تأتي ضمن خطة تدريجية لإعادة ضخ كميات النفط التي خضعت لتخفيضات سابقة، لكن يبقى سؤلا محددا ...فمع انخفاض مخزونات النفط عالميا، هل ستؤدي هذه الزيادة إلى استقرار الأسعار أم إلى المزيد من الضغوط على السوق؟.
اما التوترات التجارية التي تشتد وتيرتها وتتراخى، فان تأثيرها على أسواق النفط يبقى قائما، فعندما اعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب قبل ايام نيته فرض تعريفات جمركية على الاتحاد الاوروبي بنسبة 50%، تلقت الاسواق العالمية صدمة قوية وتراجعت الاسعار، والان وفي ظل تعليق الرسوم الجمركية بين واشنطن وبروكسل، شهدت الأسواق حالة متواضعة من التفاؤل، خاصة مع موافقة الاتحاد الأوروبي على تسريع المفاوضات التجارية مع امريكا،اضف الى ذلك تحسن العلاقات التجارية عبر الأطلسي، هذه التغيرات قد تسهم في دعم الطلب على النفط، لكن يتبادر سؤال ..هل سيؤثر ذلك بشكل مستدام على الأسعار؟
وهناك مؤثرات قوية تسهم في ضبابية الموقف وصعوبة تحديد توجهات اسواق النفط، على رأسها الملف النووي الإيراني وعودة النفط الإيراني إلى السوق، والتطورات في المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران قد تكون نقطة تحول جديدة، بعدما أبدى ترامب تفاؤله عقب جولة المحادثات الأخيرة في روما، وفي حال نجاح هذه المفاوضات، يمكن أن نشهد زيادة في صادرات النفط الإيرانية، مما سيؤثر على المعروض العالمي وقد يؤدي إلى المزيد من الضغط على الأسعار.
في ظل هذه العوامل المتداخلة، تبقى أسواق النفط حساسة لأي تغييرات في سياسات الإنتاج والقرارات ذات الصلة بتطورات المشهد الجيوسياسي، فبين توقعات بهبوط طفيف للأسعار في بداية الأسبوع المقبل واستمرار تذبذبها وفقا للقرارات القادمة، تبقى حالة الحذر والترقب سيدة المشهد، خاصة وان ما قد يحمله الاجتماع القادم لأوبك+ من قرارات حاسمة ستؤثر في مستقبل سوق النفط العالمي.
مع استمرار التقلبات العالمية وما يرافقه من تقلبات في المشهد النفطي، يصبح المستقبل رهينا بقرارات المنتجين الرئيسيين وتطورات العلاقات الدولية، فبين إمكانية ارتفاع الأسعار نتيجة انخفاض المخزونات، واحتمالات الضغط على السوق بسبب زيادة الإنتاج وعودة النفط الإيراني المحتملة، لا يزال الغموض سيد الموقف، لكن المؤكد أن أسواق النفط لن تبقى على حالها؛ بل ستظل في اطار التوازن الدقيق بين العرض والطلب من جانب، ومن جانب اخر الاستراتيجيات السياسية التي ترسم مشهد الطاقة العالمي.