حرب حزيران 67 .. لم يرحموا الاردن من سوء تخطيطهم وبياناتهم المضللة
د.بكر خازر المجالي
05-06-2025 08:34 AM
لا زالت وثائق حرب حزيران تتكشف ، ولكن هناك قصور في متابعة الوثائق والحصول عليها ، وهذا ما نفتقده تماما وسط ازمة توثيق، وهذا يحتاج الى اتاحة الفرصة للموثقين أن يعملوا وبدعم وافر وفق خطة مؤسسية ، ومتابعة دور الوثائق العلمية مع الاشارة الى الشخصنة والمصلحية الضيقة وتخبط تشكيل اللجان .
حرب حزيران التي جرى توريط الاردن بها ، رغم تحذير الملك المغفور له الحسين الذي قال في قمة القاهرة في 30 أيار 1967 : اننا لا يمكن أن نكون جاهزين لأي عمل عسكري ضد اسرائيل قبل تسعة اشهر من الآن ، لاننا بحاجة الى توضيع الاسلحة في لكل انواع السلاح في كل جبهة بسبب اختلاف عيارات البنادق والمدافع ، وتوزيع سلاح الجو العربي خاصة المصري في كل قواعد الجبهة .
يروي جلالة المغفور له الملك الحسين مأساته في هذه الحرب في كتابه " حربنا مع اسرائيل ، وكيف كانت مشكلته ليست بمواجهة العدو وانما مع تعليمات القيادة العربية التي وضعت القوات الاردنية في أكثر من مأزق أدت الى تشتت القوات الاردنية وكشفها لطيران العدو وتدميرها ، خاصة حين قام قائد الجبهة الشرقية المصري الفريق عبدالمنعم رياض المعين وفق اتفاقية الدفاع المشترك بتحريك اللواء المدرع اربعين من منطقة نابلس الى القدس ،في ذات الوقت تحريك اللواء المدرع 60 من القدس الى الجنوب في محاولة للضغط على اسرائيل من الجنوب لتخفيف الضغط على جبهة القتال المصرية ، والنتيجة الاحتلال السريع للقدس وتدمير معظم دبابات اللوائين لانهما كانا يتحركان في العراء ، وهذا مناف للخطة الاردنية التي كانت تعتبر القدس هي مركز الدفاع الرئيسي حولها ، وتقضي الخطة انه حين يتأزم الموقف تلتف كل الوحدات الاردنية حول القدس وتقاتل دفاعا عنها لمنع سقوطها ، لأن سقوط القدس هو سقوط الضفة الغربية كاملة .
قاتل الجيش الاردني في الضفة الغربية وأشرس معاركه كانت في الشيخ جراح واستبسل الاردنيون وكانوا ينتظرون أي إسناد عربي أو جوي ولكن كانت الخيبة وصمد الجيش الاردني وقدمت كتيبة الحسين الثانية من سرية واحدة 98 شهيدا من اصل 105 جنود ، وكانت معركة دخلت سفر التاريخ العسكري ،
لا زالت قصص البطولات الفردية لجنود الجيش الاردني تتكشف ، ولا زالت أضرحة الشهداء الاردنيين تنتشر في كل انحاء الضفة الغربية من الشمال من صرح الشهداء في معسكر صوفين في طولكرم ، أو في قباطية بالقرب من جنين ، وفي وادي التفاح في نابلس وفي مخيم عين الماء ، وحتى في الكفير والزبابدة والنبي صموئيل ، وفي البيرة ، وفي مقبرة الرحمة في سور القدس الشرقي ، وفي بيت ايبا ، ومنطقة بلعا ، وفي اليامون ، وحديقة ال نسيبة ، ومواقع أخرى مختلفة كان لي شرف توثيقها وزياراتها وتدوينها بدعم من الجيش العربي الاردني .
في قراءة كتاب حربنا مع اسرائيل نقرأ فصول مأساة ، من مثل ذلك التنسيق لأن يرابط لواء سوري مكان لواء اردني في منطقة السلط ، بسبب تحريك اللواء الاردني الى الجبهة لاسناد القتال ، ولكن كان تسويف ضابط الاتصال السوري وزيارته لموقع اللواء عدة مرات ، وكيف صادفه الملك الحسين وجرى الحديث مع هذا الضابط السوري الذي تحدث بلا إهتمام ، حتى انه قال للملك الحسين : أصلا كل شيء انتهى واحتلت اسرائيل الجولان ومناطق اخرى، مما أثار غضب الملك الحسين ووجه كلمات قاسية له .
هل نحتاج الى تناول حرب 67 بصفة ارتجالية ؟ هل لدينا ندوات سابقة وقراءات تويقية وكتب علمية وثائقية غير تجارية التي يجري تأليفها بسطحية لغايات حفلات التوقيع بدعوى الاشهار الذي يتكرر أحيانا للكتاب الواحد اكثر من خمس مرات .؟
في ذكرى حرب حزيران ، كان الاردن فريسة سوء التخطيط ، ولكن دخل الاردن الحرب بدواعي القومية العربية وعدم التخلي عن الواجب الوطني ، والنتيجة دفعنا ثمنا باهظا ، وليس هذا فحسب ، بل لا زال الاردن موضع اتهام وتشكيك بلا رحمة .