facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من الإقليم إلى الإقليم… حين نؤمن بأن الخبرة العربية كافية وقادرة


الدكتور مهند النسور
16-12-2025 01:45 PM

يمتلك الإقليم العربي، وإقليم شرق المتوسط على وجه الخصوص، ثروة حقيقية من الخبرات البشرية والمعرفية، كثيرًا ما نغفل عنها أو نتعامل معها باعتبارها خيارًا ثانيًا، في مقابل ارتهانٍ مزمن لما هو أجنبي. والحقيقة التي باتت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى أننا لسنا أقل كفاءة، ولا أدنى احترافية، ولا أضعف قدرة على الابتكار والتأسيس وصناعة التغيير. ما نحتاجه فعلًا ليس استيراد العقول، بل الثقة بعقولنا، والاستثمار المنهجي والجدي فيها.

هذا المفهوم ليس شعارًا عاطفيًا، بل رؤية عملية نلمسها يوميًا في تجارب ناجحة على امتداد المنطقة. وهو المفهوم ذاته الذي نؤمن به في عملنا حين نقول: من الإقليم إلى الإقليم—أي أن الحلول، وبناء القدرات، وتبادل الخبرات، يجب أن تنطلق من واقعنا، وتُصاغ بلغتنا، وتراعي سياقاتنا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، قبل أن تُستورد بنسخ جاهزة قد لا تلائمنا، أو لا تعمّر طويلًا.

ولعل التجربة المغربية تشكّل نموذجًا مضيئًا في تصدير الكفاءات العربية إلى الدول العربية. فالمغرب اليوم لا يصدّر فقط مدربين في كرة القدم، بل يصدّر مدرسة فكرية متكاملة: انضباط مهني عالٍ، فهم عميق للبيئة العربية، انسجام ثقافي واجتماعي، وقدرة على العمل ضمن إمكانات محدودة وتحقيق نتائج كبيرة. هذا التلاقي الفني والثقافي يجعل من الخبرة المغربية—والعربية عمومًا—خيارًا ذكيًا ومستدامًا، لا حلًا مؤقتًا أو رديفًا.

وفي السياق ذاته، تقدم التجربة الأردنية في كرة القدم مثالًا حيًا على قيمة الاستثمار في الخبرات العربية. فقد كان الأردن محظوظًا بتولي المنتخب الوطني مدربين من المغرب الشقيق، بدءًا من عمّوته، وصولًا إلى المدرب المبدع سلامي، وقبلهم مدربين عرب أكفاء تركوا بصمتهم. هؤلاء لم يتعاملوا مع المنتخب كـ«هواية» أو مرحلة عابرة، بل أسسوا لمنهج احترافي واضح، أعاد تعريف كرة القدم الأردنية كمنظومة عمل متكاملة. الأهم من النتائج كان ما تحقق خلف الكواليس: تعويض الفاقد، بناء البدائل، إعداد فريق ثانٍ لا يقل إبداعًا وجاهزية عن الفريق الأول، وترسيخ مفهوم الاستدامة بدل الارتجال.

هذه التجربة تتجاوز حدود كرة القدم؛ فهي درس في الإدارة، وبناء الفرق، وتطوير الموارد البشرية، وهي الدروس ذاتها التي نحتاجها في الصحة، والتعليم، والإدارة العامة، والاقتصاد، وسائر القطاعات. فالاعتماد غير المدروس على خبرات غربية أو أجنبية، دون نقل حقيقي للمعرفة أو مواءمة للسياق المحلي، أثبت محدوديته مرارًا. لسنا ضد الشراكات الدولية، لكننا ضد الارتهان لها، وضد تهميش خبراتنا المحلية والإقليمية.

الوطن العربي يعج بالكفاءات، بالخبراء، وبـ«البذور» القادرة على النمو، والتي لا تحتاج سوى فرصة عادلة، ودعم معنوي، وبيئة مستقرة، وثقة بالنفس. وحين تتوافر هذه العناصر، نصنع التغيير بأيدينا، ونؤسس لنهضة حقيقية نابعة من داخل الإقليم، لا مفروضة عليه من خارجه.

مبروك للنشامى الأبطال، ومبروك لمدربنا المغربي المحترف السيد جمال سلامي على حرفيته ورؤيته، ومبروك لكل تجربة عربية تؤمن بأننا قادرون.

عاشت الأردن، وعاش المغرب، وعاش الوطن العربي حين يثق بذاته ويستثمر في أبنائه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :