facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الغيتو البديل: فشل حل المشكلة اليهودية

المؤتمر الصهيوني الأول في بازل (1897)
المؤتمر الصهيوني الأول في بازل (1897)
صهيب بني حمد
15-05-2021 05:32 PM

وُلدت "اسرائيل" مشوهة بعد عدة عمليات قيصرية اوروبية للتخلص من ما يعرف ب (المشكلة اليهودية)، والتي تُلخص في أزمة وجود أقليات ومجتمعات دينية يهودية لديها قوانينها ومعتقداتها وتعيش في "غيتو" منعزلة عن محيطها من اغلبية المواطنين في الدول الوطنية المتشكلة حديثًا في اوروبا في القرن التاسع عشر والعشرين بعد التخلص من سلطة الكنيسة والحكم الديني خلال عصور النهضة والتنوير، تزامن ذلك مع اتهامات للضباط والجنود اليهود بالخيانة والتشكيك بوطنيتهم كما في "قضية دريفوس"، النقيب اليهودي الفرنسي الذي تم اتهامه بالخيانة والتجسس لصالح المانيا، مما ادى لأعمال عنف انتقامية واسعة ضد اليهود ومصالحهم في فرنسا وخلق حالة انقسام في المجتمع الفرنسي لعدة سنوات كادت تهدد استمرارية الجمهورية الثالثة.

في عام 1897 نجح الصحفي اليهودي الهنغاري تيدور هرتزل وكاتب مسرحية الغيتو (حي اليهود)، في تنظيم المؤتمر الصهيوني الأول في بازل السويسرية، بعد عام على اصدار كتابه "دولة اليهود Der Judenstaat"، وفي بازل تمكن هرتزل من تقديم الحل للمشكلة اليهودية، من خلال جعل الدين قومية ومحاولة خلق هوية وطنية يهودية ، ولاقت الدعوة ترحيب وتأييد واسع من اليهود في شرق اوروبا وهو ما مهد الطريق لانشاء وطن قومي لليهود في أرض الميعاد وجبل صهيون الحلم الذي عملت من اجله المنظمة الصهيونية التي أسسها هرتزل بهدف جمع الاموال من اليهود لشراء الاراضي في ارض الميعاد خلال الفترة العثمانية، لتستفيد المنظمة لاحقًا من نفوذ وثراء اليهود بعد تمويلهم لتكاليف الحرب العالمية الاولى ثم من التعاطف العالمي معهم بعد الحرب العالمية الثانية ومحارق هتلر "الهولوكوست"، وهو ما نتج عنه تأسيس الدولة المزعومة بعد ٥٠ عام فقط من المؤتمر الصهيوني الأول .

اليوم وبعد 70 عام من تأسيسها على مزاعم تاريخية ودين ومصالح جيوسياسية كمنفى للاوروبيين غير المرغوب فيهم، فشل مشروع اسرائيل وانقلبت حتى على ادبيات هرتزل ب "مجتمع تقدمي تعددي" ووعد بلفور ب "الحفاظ على الحقوق المدنية والدينية للطوائف والأديان الأخرى"، وتحولت من حمل يتلقى المساعدات الاوروبية والغربية الى وحش نووي، وما زالت تعاني نتيجة ذلك من "أزمة بنيوية" كما يصفها زعيم حزب "هناك مستقبل" المكلف بتشكيل حكومة جديدة، هذه الأزمة جعلت اسرائيل تبقى رهينة مربع ال "غيتو" لكنه اكبر قليلاً في منطقة الشرق الاوسط، في دولة معزولة محاطة بالأسوار لا تشبه سوى دول العصور الحديدية، وسط محيط رافض ومعادي. دفعت هذه العزلة اسرائيل للمساهمة في خلق بيئة لغيتوهات دينية مشابهة لفكرة وجودها تختار الدين كقومية ومبرر لوجودها بدل من مفاهيم المواطنة، وعلى اثر الانسحابات الاسرائيلية المفاجئة بدون التنسيق مع الجانب الفلسطيني واللبناني بداية الالفية الماضية تم هدم المستوطنات وخلق فراغ سياسي تأسس لدينا غيتو شيعي غير معلن في الشمال (حزب الله) وغيتو آخر سنّي غير معلن كذلك في الجنوب (حماس) في ظروف تشبه نفس الفراغ وحالة غياب الدولة التي أدّت لظهور دولة داعش في العراق وسوريا.

بقيادة ملك اسرائيل غير المتوج ورئيس حكومتها لمدة ١٥ سنة المتهم بالفساد واساءة الامانة اليوم والمهدد بالسجن بمجرد تشكيل حكومة جديدة يكون خارجها، خاض اليمين الاسرائيلي عدة مغامرات وحروب ساخنة وباردة مع هذه الغيتوهات خلال السنوات الماضية للمحافظة على مكسب وجود "عدو مماثل" ولتصدير الأزمات السياسية الداخلية عند الحاجة، فعبر التاريخ كان خلق ووجود عدو خارجي او داخلي ضرورة وجودية، وعامل مهم لتحديد الهويّة، بالتالي، دولة هشّة مثل اسرائيل ستتآكل وتضمحل لو لم يكن هناك حالة خطر خارجي يوحّد جبهتها الداخلية، وهو ما يبدو واضحًا اليوم من أن فكرة الدولة اليهودية في اسرائيل تلفظ انفاسها الاخيرة بكلام الاسرائيليين أنفسهم كما يقول الصحفي آري شبيت في صحيفة هآرتس، خاصة بعد أربع عمليات انتخابية فاشلة في انتاج حكومة وفاق وطني في الداخل الاسرائيلي، رغم تراجع الخطر الاقليمي نتيجة الحروب الأهلية والصراعات الداخلية والازمات الاقتصادية في الدول المجاورة، بالتالي فان حل "المشكلة اليهودية" وخلق "غيتو بديل"، ثبت فشله مع فشل بناء الدولة اليهودية المزعومة وتحولها لمجرد كيان هشّ في اقليم هشّ بسبب وجودها الذي أعاق عملية تحديث نظام التشغيل من الدولة الامبراطورية الدينية للدول الوطنية الحديثة.

الصورة التالية: هرتزل مع الوفد اليهودي في القدس (1900 )





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :