الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية بين الواقع والبروبغاندا
خولة كامل الكردي
26-07-2025 09:12 AM
تتوالى التصريحات الأوروبية بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فبعد إيرلندا وأسبانيا وسلوفينيا ودول أخرى قررت فرنسا وعلى لسان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر المقبل، وبرق إلى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية برسالة مفادها عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي حفيظة حكومة الاحتلال الإسرائيلي وعلى لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي اعتبرها مكافأة لحماس.
في حين أن الواقع في الضفة الغربية يشي بتمدد المستوطنات الإسرائيلية على حساب الأراضي الفلسطينية، وتصاعد هجمات المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية، وسرقة أراضي وممتلكات المواطنين الفلسطينيين، وإنشاء بؤر استيطانية تمهيداً لبناء المستوطنات وهدم بيوت الفلسطينيين أو انتزاعها منهم بالإكراه، وتفرج المجتمع الدولي هو سيد المشهد لا يقدم أي خطوة عملية تمنع ممارسات المستوطنين العنيفة وبحماية من الجيش الإسرائيلي، وبتحريض مكشوف و صفيق من وزير المالية الوزير المتطرف بسلئيل سموتريتش، يتم كل شيء على مسمع و مرأى من العالم أجمع، فالسؤال الذي يطرح نفسه: أين الاتحاد الأوروبي عن كل تلك الأعمال الإسرائيلية المستفزة الجائرة، واعتداءات المستوطنين اليومية والمتواصلة على أهالي المدن والقرى الفلسطينية من إطلاق النار عليهم وحرق بيوتهم وممتلكاتهم؟! وهي لا تحرك ساكنا لمنع الهجمات المستوطنين بل تكتفي بتصريحات فارغة من أي عمل جدي يوقف اعتداءات حكومة نتنياهو على الأراضي الفلسطينية، فرغم فرض عقوبات على بعض من وزراء نتنياهو المتطرفين أمثال بن غفير و سموتريتش والمقاطعة الأوروبية لبعض منتجات المستوطنات والتي تقودها منظمات وهيئات مستقلة عن الحكومات الأوروبية، إلا أن أوروبا تفتقر إلى قرار جدي يوقف تصرفات الحكومة الإسرائيلية عند حدها وهي قادرة لكنها لا تفعل.
ولا تعتد حكومة نتنياهو بالخطوات التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي تجاه دولة الاحتلال، احتجاجا ورفضا لممارساتها القمعية في الضفة الغربية بحق أهل الضفة، والحرب الوحشية المستمرة على القطاع، وحرمان أهل غزة من الطعام والدواء منذ ١٨ من مارس الماضي، وتفاقم المجاعة وارتفاع حالات الوفاة نتيجة سوء التغذية حتى وصل ضحايا التجويع الذي فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى ما يربو عن ١١٦ حالة معظمهم من الأطفال والمرضى و خطر سوء التغذية يهدد فئة النساء الحوامل وكبار السن.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية يبرز التناقض الفاضح والمخزي لأوروبا، فكيف يستقيم وهي تحتفظ بأكبر شراكة اقتصادية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، عدا إمدادها بالسلاح والعتاد لتدمير القطاع وقتل الأبرياء، فلتلعب أوروبا لعبة أخرى لعل أحرار العالم يصدقونها، فهي شريكة فعلية في الإبادة الجماعية الحاصلة في غزة.