الاعتراف بالدولة الفلسطينية والقفاز الناعم
خولة كامل الكردي
04-08-2025 08:30 PM
لا يخفى على أحد منذ اتفاق أوسلو والسلطة الوطنية الفلسطينية تسعى جاهدة إلى مد جسور مع المجتمع الدولي والدول الراعية لاتفاق السلام للضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي و إلزامها بتنفيذ ما اتفق عليه في معاهدة السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، والغرب الذي جند كل طاقاته لإبرام تلك الاتفاقية أول من نسي أمر الاتفاقية ولم يعد يذكرها مطلقا! وعلى الرغم من تشجيع حكومات الدول الغربية آنذاك منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح، للقبول و الدخول في مفاوضات تفضي لسلام دائم (سلام الشجعان) مع حكومة إسحق رابين في ذلك الوقت، وقد شاب مفاوضات تلك المعاهدة الكثير من العقبات والتحديات التي كانت تضعها حكومة رابين، والتعنت في منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة أولها حقهم في أرضهم وأرض أسلافهم الذين عاشوا فيها منذ آلاف السنين، ولكن وبعد مرور عقود طويلة لم تنفذ حكومات الاحتلال المتعاقبة أي بند واحد من بنود معاهدة السلام، وقد عفا عنها الزمن بالنسبة للإسرائيليين خاصة بعد أن قام متشددون باغتيال إسحق رابين، ليوصلوا رسالة إلى الفلسطينيين والعرب بل العالم أن لا مكان للسلام في أجندتنا، و حقيقة الأمر أن المعاهدة لم تعط الفلسطينيين حقهم الكامل، وأن رابين تعنت وماطل وهو مجرم حرب مثله مثل غيره من رؤساء كيان الاحتلال الذين سبقوه ومن جاءوا بعده. إنهم بلا شك طلاب حرب لا طلاب سلام لكن المجتمع الدولي يكذب على نفسه!.
توالي الاعتراف بالدولة الفلسطينية لم يأت من فراغ، الرعب الذي يغزو أوروبا من عودة أخرى لليهود، و حماية لراعية مصالحها في الشرق الأوسط "إسرائيل" ، و لإسكات الحراك الشعبي العالمي خاصة في دول الاتحاد الأوروبي من وحي جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الأبرياء في غزة، دفع بعض دول أوروبا مكرهة إلى الاعتراف بدولة فلسطين، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي من مشاهد القتل والتجويع والحصار في قطاع غزة، وهجمات المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، وإن جاء هذا الاعتراف متأخرا جدا فسيكون اعترافا شكليا بلا روح ولن يتم تطبيقه، فالغرب منافق لم نقول ذلك لأن الفلسطينيين قد خبروهم في مواقف عدة، ففي ثورة الشعب الفلسطيني الكبرى عام ١٩٣٦، أغدقت بريطانيا والعديد من الدول الأوروبية الوعود لإعطاء الشعب الفلسطيني حقه، وما إن خمدت الثورة حتى بدأت حملة مسعورة لاعتقال قادة الثورة وإعدامهم فبذلك ذهبت وعودهم أدراج الرياح.و تكرر إعطاء الفلسطينيون منذ إنشاء كيان الاحتلال وما قبل ذلك وقت بدء هجرة اليهود إلى فلسطين من القرن التاسع عشر بصورة سرية وبأعداد قليلة، إلى أن فتحت الأبواب لتلك الهجرات من كل بقاع العالم بعد الإعلان عن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، الوعود تلو الوعود ولم يف الغرب ولو بوعد واحد.
الوثوق في التصريحات الغربية لا مكان لها من الإعراب، ودبلوماسيتها الزائفة مجندة لخدمة مصالحها في المنطقة فقط، فكيف يفسر تسابق كل من فرنسا وبريطانيا إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر وفي هذا الوقت أين هم قبل ذلك؟! أليست بريطانيا هذه ترفض حتى الساعة تقديم اعتذار عن سنوات استعمارها لفلسطين ووعد وزير خارجيتها آرثر بلفور عام ١٩١٧ لإنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين! وما يثير الاستغراب دعوة نواب في الكونغرس الأمريكي إدارة ترمب إلى الاعتراف بدولة فلسطين!! لن تنطلي تلك التصريحات المشبوهة على الأحرار في كل العالم، والسؤال الذي يطرح نفسه: أليس الأولى بالغرب وقف حرب حكومة نتنياهو المتطرفة على غزة؟ وهم من يمدون قوات الجيش الإسرائيلي بالسلاح والعتاد والمشورة العسكرية والاستخباراتية....فلتغرب أوروبا عن ديارنا العربية والإسلامية وتحاول أن تجد لها لعبة أخرى تضحك بها على عقول الأحرار! فبئس القوم هم.